للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صاحب طليطلة والثغر الأوسط (١) عنده، وقدَّمت الرسل هدية سنية، لكن شانجة الذي كان يراقب ما يجري عند جيرانه المسلمين أراد أن يضرب القوة الإسلامية مرة واحدة، فأعلن عن تأييده للبربر (٢). وأقبل بجموعه يريد قرطبة، فاستعد المهدي للقائه ورتب قواته، ومن المضحك أن قيادة جيشه كان فيها طبيب ووكيل بل وقوم من الحواتين والجزارين وأشباههم (٣). فدارت الدائرة عليهم، وقتل من أهل قرطبة أكثر من عشرة


(١) - الثغر الأوسط أو الأدنى قاعدته مدينة سالم ثم استبدلت فيما بعد بطليطلة، وهذا الثغر مواجه لمملكتي قشتالة وليون. وعن هذا الثغر وبقية الثغور الأندلسية أنظر: خليل إبراهيم السامرائي، الثغر الأعلى الأندلسي "دراسة في أحواله السياسية ٩٥ - ٣١٦ هـ" (بغداد، مطبعة أسعد ١٩٧٦ م ص ٣٩ - ٤٤ والمصادر المذكورة.
(٢) - تجدر الإشارة إلى أن ثمن مساعدته للبربر هو الحصول على ما أحب من مدن الثغر. انظر: البيان المغرب، ٣/ ٨٦. والملاحظ أن كلا الفريقين المسلمين لم يعمل أي منهما على حقن دماء المسلمين ويتنازل عن مطامعه الدنيوية في سبيل طلب ما عند الله تعالى، بل إن الأمر وصل بهما إلى تقديم الرجاء والخضوع لذلك النصراني عسى أن يتكرم بالمساعدة. على ماذا؟ على سفك دماء إخوانهم المسلمين. مقابل ماذا؟ مقابل إعطائه بلاداً خضبت أراضيها بدماء زكية سالت من أجساد نذرها أصحابها أن تكون فداءاً لإعلاء كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، لذا فلا عجب أن يعيش أفراد الفريقين سنوات عدة لا يعرفون فيها طعماً للعافية، كلها فتن ومحن ليذوقوا وبال أمرهم. والعاقبة لمن اتقى.
(٣) - المصدر السابق ٣/ ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>