للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثم إنه مع ندب الناس إلى قتل المرأة التي هجته وقال فيمن قتلها: "إذا أحببتم أن تنظروا إلى رجل نصر الله ورسوله بالغيب فانظروا إلى هذا" فثبت بذلك أن هجاءه وذمه موجب للقتل غير الكفر وثبت أن الساب يجب قتله وإن كان من الحلفاء والمعاهدين ويقتل في الحال التي يحقن فيها دم من ساواه في غير السب لا سيما ولو لم تكن معاهدة فقتل المرأة لا يجوز إلا أن تقاتل لأنه صلى الله عليه وسلم رأى امرأة في بعض مغازيه مقتولة فقال: "ما كانت هذه لتقاتل" ونهى عن قتل النساء والصبيان ثم إنه أمر بقتل هذه المرأة ولم تقاتل بيدها فلو لم يكن السب موجبا للقتل لم يجز قتلها لأن قتل المرأة لمجرد الكفر لا يجوز ولا نعلم قتل المرأة الكافرة الممسكة عن القتال أبيح في وقت من الأوقات بل القرآن وترتيب نزوله دليل على أنه لم يبح قط لأن أول آية نزلت في القتال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِم} الآية فأباح للمؤمنين القتال دفعا عن نفوسهم وعقوبة لمن أخرجهم من ديارهم ومنعهم من توحيد الله وعبادته وليس للنساء في ذلك حظ.

ثم إنه كتب عليهم القتال مطلقا وفسره بقوله: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُم} الآية فمن ليس من أهل القتال لم يؤذن في قتاله والنساء لسن من أهل القتال فإذا كان قد أمر بقتل هذه المرأة فإما أن يقال: "هجاؤها قتال" فهذا يفيدنا أن هجاء الذمي قتال فينقض العهد ويبيح الدم أو يقال: "ليس بقتال" وهو الأظهر لما قدمناه من أنه لم يكن فيه تحريض على القتال ولا كان لها رأي في الحرب فيكون السب جناية مضرة بالمسلمين غير القتال موجبة للقتل بمنزلة قطع الطريق عليهم ونحو ذلك يفيد أن السب موجب للقتل بوجوه.

<<  <   >  >>