غاية ما يكون من الإذلال لنا والإهانة قال أهل اللغة: الصغار الذل والضيم يقال: صغر الرجل بالكسر يصغر بالفتح صغرا وصغرا والصاغر: الراضي بالضيم ولا يخفى على المتأمل أن إظهار السب والشتم لدين الأمة التي اكتسب شرف الدنيا والآخرة ليس فعل راض بالذل والهوان وهذا ظاهر لا خفاء به.
وإذا كان قتالهم واجبا علينا إلا أن يكونوا صاغرين وليسوا بصاغرين كان القتال مأمورا به وكل من أمرنا بقتاله من الكفار فإنه يقتل إذا قدرنا عليه.
وأيضا فإنا إذا كنا مأمورين أن نقاتلهم إلى هذه الغاية لم يجز أن نعقد لهم عهد الذمة بدونها ولو عقد لهم كان عقدا فاسدا فيبقون على الإباحة.
ولا يقال فيهم: فهم يحسبون أنهم معاهدون فتصير لهم شبهة أمان وشبهة الأمان كحقيقة فإن من تكلم بكلام يحسبه الكافر أمانا كان في حقه أمانا وإن لم يقصده المسلم.
لأنا نقول: لا يخفى عليهم أنا لم نرض بأن يكونوا تحت أيدينا مع إظهار شتم ديننا وسب نبينا وهم يدرون أنا لا نعاهد ذميا على مثل هذه الحال فدعواهم أنهم اعتقدوا أنا عاهدناهم على مثل هذا مع اشتراطنا عليهم أن يكونوا صاغرين تجري عليهم أحكام الملة دعوى كاذبة فلا يلتفت إليها.
وأيضا فإن الذين عاهدوهم أول مرة هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل عمر وقد علمنا أنه يمتنع أن يعاهدهم عهدا خلاف ما أمر الله به في كتابه.
وأيضا فإنا سنذكر شروط عمر رضي الله عنه وأنها تضمنت أن من أظهر الطعن في ديننا حل دمه وماله.