أحدها: أن مجرد نكث الأيمان مقتض للمقاتلة وإنما ذكر الطعن في الدين وأفرده بالذكر تخصيصا له بالذكر وبيانا لأنه من أقوى الأسباب الموجبة للقتال ولهذا يغلظ على الطاعن في الدين من العقوبة ما لا يغلظ على غيره من الناقضين كما سنذكره إن شاء الله تعالى أو يكون ذكره على سبيل التوضيح وبيان سبب القتال فان الطعن في الدين هو الذي يجب أن يكون داعيا إلى قتالهم لتكون كلمة الله هي العليا وأما مجرد نكث اليمين فقد يقاتل لأجله شجاعة وحمية ورياء أو يكون ذكر الطعن في الدين لأنه أوجب القتال في هذه الآية بقوله تعالى: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} وبقوله تعالى: {أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَأُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} فيفيد ذلك أن من لم يصدر منه إلا مجرد نكث اليمين جاز أن يؤمن ويعاهد وأما من طعن في الدين فإنه يتعين قتاله وهذه كانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يهدر دماء من آذى الله ورسوله وطعن في الدين وإن أمسك عن غيره وإذا كان نقض العهد وحده موجبا للقتال وإن تجرد عن الطعن علم أن الطعن في الدين إما سبب آخر أو سبب مستلزم لنقض العهد فإنه لابد أن يكون له تأثير في وجوب المقاتلة وإلا كان ذكره ضائعا.
فان قيل: هذا يفيد أن من نكث عهده وطعن في الدين يجب قتاله أما من طعن في الدين فقط فلم تتعرض الآية له بل مفهومها أنه وحده لا يوجب هذا