مالكه المسلم في سبيل الله ووجب أجره على الله وآخذه هذا مستحلا له وقد غفر له بإسلامه ما فعله في دماء المسلمين وأموالهم فلم يضمنه بالرد إلى مالكه كما لم يضمن ما أتلفه من النفوس والأموال ولا يقضي ما تركه من العبادات لأن كل ذلك كان تابعا للاعتقاد فلما رجع عن الاعتقاد غفر له ما تبعه من الذنوب فصار ما بيده من المال لا تبعة عليه فيه فلم يؤخذ منه كجميع ما بيده من العقود الفاسدة التي كان يستحلها من ربا وغيره.
ومن العلماء من قال: يرده على مالكه المسلم وهو قول الشافعي وأبي الخطاب من الحنبلية بناء على أن اغتنامهم فعل محرم فلا يملكون به مال المسلم كالغصب ولأنه لو أخذه المسلم منهم أخذا لا يملك به مسلم من مسلم بأن يغنمه أو يسرقه فإنه يرد إلى مالكه المسلم لحديث ناقة النبي صلى الله عليه وسلم وهو مما اتفق الناس فيما نعلمه عليه ولو كانوا قد ملكوه كملكه الغانم منهم ولم يرده.
والأول أصح لأن المشركين كانوا يغنمون من أموال المسلمين الشيء الكثير من الكراع والسلاح وغير ذلك وقد أسلم عامة أولئك المشركين فلم يسترجع النبي صلى الله عليه وسلم من أحد منهم مالا مع أن بعض تلك الأموال لا بد أن يكون باقيا.
ويكفي في ذلك أن الله سبحانه قال:{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً} وقال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ} إلى قوله: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ} وقال: {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ