وباعها فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" لم يترك لنا عقيل منزلا إلا استولى عليه وباعه " وكان معنى هذا الكلام أنه استولى على دور كنا نستحقها إذ ذاك ولولا ذلك لم تضف الدور إليه وإلى بني عمه إذا لم يكن لهم فيها حق ثم قال بعد ذلك: "لا يرث المؤمن الكافر ولا الكافر المؤمن" يريد والله أعلم لو أن الرباع باقية بيده إلى الآن لم يقسم لكنا نعطي رباع أبي طالب كلها له دون إخوته لأنه ميراث لم يقسم فيقسم الآن على قسم الإسلام ومن قسم الإسلام أن لا يرث المسلم الكافر فكان نزول هذا الحكم بعد موت أبي طالب وقبل قسمة تركته بمنزله نزوله قبل موته فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن عليا وجعفرا ليس لهما المطالبة بشيء من ميراث أبي طالب لو كان باقيا فكيف إذا أخذ منهم في سبيل الله؟ فإذا كان المشرك الحربي لا يطالب بعد إسلامه بما كان أصابه من دماء المسلمين وأموالهم وحقوق الله ولا ينتزع ما بيده من أموالهم التي غنمها منهم لم يؤاخذ أيضا بما أسلفه من سب وغيره فهذا وجه العفو عن هؤلاء.
وهذا الذي ذكرناه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحتم قتل من كان يسبه من المشركين مع العفو عمن هو مثله في الكفر كان مستقرا في نفوس أصحابه على عهده وبعد عهده يقصدون قتل الساب ويحرضون عليه وإن أمسكوا عن غيره ويجعلون ذلك هو الموجب لقتله ويبذلون في ذلك نفوسهم كما تقدم من حديث الذي قال:"سبني وسب أبي وأمي وكف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" ثم حمل عليه حتى قتل وحديث الذي قتل أباه لما سمعه يسب النبي صلى الله عليه وسلم وحديث الأنصاري الذي نذر أن يقتل العصماء فقتلها وحديث الذي نذر أن يقتل ابن أبي سرح وكف النبي صلى الله عليه وسلم عن مبايعته ليوفي بنذره.