الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " فبين صلى الله عليه وسلم أنه باق على إيمانه وأنه صدر منه ما يغفر له به الذنوب فعلم أن دمه معصوم وهنا علل بمفسدة زالت.
فعلم أن قتل مثل هذا القائل إذا أمنت هذه المفسدة جائز وكذلك لما أمنت هذه المفسدة أنزل الله قوله:{جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِم} بعد أن كان قد قال له: {وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ} قال زيد بن أسلم: "قوله: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} نسخت ما كان قبلها".
ومما يشبه هذا أن عبد الله بن أبيّ لما قال:{لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلّ} وقال: {لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} استأمر عمر في قتله فقال: "إذن ترعد له أنوف كثيرة بالمدينة" وقال: " لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه " والقصة مشهورة وهي في الصحيحين وستأتي إن شاء الله تعالى.
فعلم أن من آذى النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الكلام جاز قتله كذلك مع القدرة وإنما ترك النبي صلى الله عليه وسلم قتله لما خيف في قتله من نفور الناس عن الإسلام لما كان ضعيفا.
ومن هذا الباب: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: " من يعذرني