للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال من حكى ذلك عنهم: إنهم لا يطعنون في النقل لتواتر ذلك وإنما يبنونه على هذا الأصل ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في صفتهم: "إنهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم" يتأولونه برأيهم من غير استدلال على معانيه بالسنة وهم لا يفهمونه بقلوبهم إنما يتلونه بألسنتهم والتحقيق أنهم أصناف مختلفة فهذا رأي طائفة منهم وطائفة قد يكذبون النقلة وطائفة لم يسمعوا ذلك ولم يطلبوا علمه وطائفة يزعمون أن ما ليس له ذكر في القرآن بصريحه ليس حجة على الخلق: إما لكونه منسوخا أو مخصوصا بالرسول أو غير ذلك وكذلك ما ذكر من تجويزهم الكبائر فأظنه والله أعلم قول طائفة منهم وعلى كل حال فمن كان يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم جائر في قسمه يقول إنه يفعلها بأمر الله فهو مكذب له ومن زعم أن يجور في حكم أو قسمة فقد زعم أنه جائر وأن إتباعه لا يجب وهو مناقض لما تضمنته الرسالة من أمانته ووجوب طاعته وزوال الحرج عن الجنس من قضائه بقوله وفعله فإنه قد بلغ عن الله أنه أوجب طاعته والانقياد لحكمه وأنه لا يحيف على أحد فم طعن في هذا فقد طعن في صحة تبليغه وذلك طعن في نفس الرسالة وبهذا يتبين صحة رواية من روى الحديث "ومن يعدل إذا لم أعدل؟ لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل" لأن هذا الطاعن يقول: أنه رسول الله وأنه يجب عليه تصديقه وطاعته فإذا قال إنه لم يعدل فقد لزم أنه صدق غير عدل ولا أمين ومن اتبع مثل ذلك فهو خائب خاسر كما وصفهم الله بأنهم من الأخسرين أعمالا وإن حسبوا أنهم يحسنون صنعا ولأنه من لم يؤتمن على المال يؤتمن على ما هو أعظم منه ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحا ومساء " وقال صلى الله عليه وسلم لما قال له اتق الله: "أولست

<<  <   >  >>