وهذا في بادي الرأي هو الموجب للعطاء وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعطيه كما أعطى غيره وهذا معنى قولهم:"استعتبناه" أي طلبنا منه أن يعتبنا أي يزيل عتبنا: إما ببيان الوجه الذي به أعطى غيرنا أو بإعطائنا وقد قال صلى الله عليه وسلم: "" فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يعذره في ما أحد أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك بعث الرسل مبشرين ومنذرين ما فعل فبين لهم ذلك فلما تبين لهم الأمر بكوا حتى أخضلوا لحاهم ورضوا حق الرضاء والكلام المحكي عنهم يدل على أنهم رأوا القسمة وقعت اجتهادا وأنهم أحق بالمال من غيرهم فتعجبوا من إعطاء غيرهم وأرادوا أن يعلموا هل هو وحي أو اجتهاد يتعين إتباعه لأنه المصلحة أو اجتهاد يمكن النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ بغيره إلى رأي أنه أصلح وإن كان هذا القسم إنما يمكن فيما لم يستقر أمره ويقره عليه ربه ولهذا قالوا: "يغفر الله لرسول الله يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم؟ " وقالوا: "إن هذا لهو العجب إن سيوفنا لتقطر من دمائهم وإن غنائمنا لترد عليهم" وفي رواية: "إذا كانت الشدة فنحن ندعى ويعطي الغنائم غيرنا".
واختلف الناس في العطايا: هل كانت من أصل الغنيمة أو من الخمس؟.
فروي عن سعد بن إبراهيم ويعقوب بن عتبة قالا: كانت العطايا فارغة من الغنائم وعلى هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما أخذ نصيبهم من المغنم لطيب أنفسهم.
وقد قيل: إنه أراد أن يقطعهم بدل ذلك قطائع من البحرين فقالوا: لا حتى يقطع إخواننا من المهاجرين مثله ولهذا لما جاء مال البحرين وافوه صلاة الفجر وقال لجابر: لو قد جاء مال البحرين أعطيتك كذا وكذا لكن لم يستأذنهم النبي صلى الله عليه وسلم قبل القسم لعلمه بأنهم يرضون