قال: اكتب بذلك كتابا قال عمر: نعم فبينما هو يكتب الكتاب إذ ذكر عمر فقال: إني استثني عليك معرة الجيش مرتين قال: لك ثنتان وقبح الله من أقالك فلما فرغ عمر من الكتاب قال له: يا أمير المؤمنين قم في الناس فأخبرهم الذي جعلت لي وفرضت علي ليتناهوا عن ظلمي قال عمر: نعم فقام في الناس فحمد الله وأثنى عليه فقال: الحمد لله أحمده وأستعينه من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له فقال النبطي: إن الله لا يضل أحدا فقال عمر: ما يقول؟ قال: لا شيء وعاد النبطي لمقالته فقال: أخبروني ما يقول قالوا: يزعم أن الله لا يضل أحدا قال عمر: إنا لم نعطك الذي أعطيناك لتدخل علينا في ديننا والذي نفسي بيده لئن عدت لأضربن الذي فيه عيناك وعاد عمر ولم يعد النبطي فلما فرغ عمر أخذ النبطي الكتاب" رواه حرب.
فهذا عمر رضي الله عنه بمحضر من المهاجرين والأنصار يقول لمن عاهده: إنا لم نعطك العهد على أن تدخل علينا في ديننا وحلف لئن عاد ليضربن عنقه فعلم بذلك إجماع الصحابة على أن أهل العهد ليس لهم أن يظهروا الاعتراض علينا في ديننا وأن ذلك منهم مبيح لدمائهم.
وإن من أعظم الاعتراضات سب نبينا صلى الله عليه وسلم وهذا ظاهر لا خفاء به لأن إظهار التكذيب بالقدر من إظهار شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإنما لم يقتله عمر لأنه لم يكن قد تقرر عنده أن هذا الكلام طعنا في ديننا لجواز أن يكون اعتقد أن عمر قال ذلك من عنده فلما تقدم إليه عمر وبين له أن هذا ديننا قال له: "لئن عدت لأقتلنك".