فإن قيل: أهل الذمة قد أقررناهم على دينهم ومن دينهم استحلال سب النبي صلى الله عليه وسلم فإذا قالوا ذلك لم يقولوا غير ما أقررناهم عليه وهذه نكتة المخالف.
قلنا: ومن دينهم استحلال قتال المسلمين وأخذ أموالهم ومحاربتهم بكل طريق ومع هذا فليس لهم أن يفعلوا ذلك بعد العهد ومتى فعلوه نقضوا العهد وذلك لأنا وإن كنا نقرهم على أن يعتقدوا ما يعتقدونه ويخفوا ما يخفونه فلم نقرهم على أن يظهروا ذلك ويتكلموا به بين المسلمين ونحن لا نقول بنقض عهد الساب حتى نسمعه يقول ذلك أو يشهد به المسلمون ومتى حصل ذلك كان قد أظهره وأعلنه.
وتحرير الجواب أن كلتا المقدمتين باطلة.
أما قوله "أقررناهم على دينهم" فيقال: لو أقررناهم على كل ما يدينون به لكانوا منزلة أهل ملتهم المحاربين ولو أقررناهم على كل ما يدينون به لم يعاقبوا على إظهار دينهم وإظهار الطعن في ديننا ولا خلاف أنهم يعاقبون على ذلك ولو أقررناهم على دينهم مطلقا لأقررناهم على هدم المساجد وإحراق المصاحف وقتل العلماء والصالحين فإن ما يدينون به مما يؤذي المسلمين كثيرة والخطيئة إذا أخفيت لم تضر إلا صاحبها ثم لا خلاف أنهم لا يقرون على شيء من ذلك وإنما أقررناهم كما قال غرفة بن الحارث على أن نخليهم يفعلون بينهم ما شاءوا مما لا يؤذي المسلمين ولا يضرهم ولا نعترض عليهم في أمور لا تظهر فإن الخطيئة إذا أخفيت لم تضر إلا صاحبها ولكن إذا أعلنت فلم تنكر ضرت العامة وشرطنا عليهم أن لا يفعلوا شيئا يؤذينا ولا يضرنا سواء كانوا يستحلونه أو لا يستحلونه