التي هي دون الكفر بطريق الأولى وسبب ذلك أن ما كان من الذنوب يتعدى ضرره فاعله عجلت لصاحبه العقوبة في الدنيا تشريعا وتقديرا ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:" ما من ذنب أحرى أن تعجل لصاحبه العقوبة من البغي وقطيعة الرحم " لأن تأخير عقوبته فساد لأهل الأرض بخلاف ما لا يتعدى ضرره فاعله فإنه قد تؤخر عقوبته وإن كان أعظم كالكفر ونحوه فإذا أقررناهم على الشرك أكثر ما فيه تأخير العقوبة عليه وذلك لا يستلزم تأخير عقوبة ما يضر بالمسلمين لأنه دونه كما قدمناه.
الوجه الثاني: أن يقال: لا خلاف أنهم إذا أقروا على ما هم عليه من الكفر غير مضارين للمسلمين لا يجوز أذاهم لا في دمائهم ولا في أبشارهم ولو أظهروا السب ونحوه عوقبوا على ذلك إما في الدماء أو في الأبشار.
ثم إنه لا يقال: إذا لم يعاقبوا بالعزير على الشرك لم يعاقبوا على السب الذي هو دونه وإذا كان هذا السؤال معترضا على الإجماع لم يجب جوابه كيف والمنازع قد سلم أنهم يعاقبون على السب فعلم أنه لم يقرهم عليه فلا يقبل منه السؤال.
والجواب عن هذه الشبهة مشترك فلا يجب علينا الانفراد به.
الوجه الثالث: أن الساب ينضم السب إلى شركه الذي عوهد عليه بخلاف المشرك الذي لم يسب ولا يلزم من الإقرار على ذنب مفرد الإقرار عليه مع ذنب آخر وإن كان دونه فإن اجتماع الذنبين يوجب جرما مغلظا لا يحصل حال الانفراد.
الوجه الرابع: قوله: "ما هم عليه من الكفر أعظم من سب الرسول" ليس بجيد على الإطلاق وذلك لأن أهل الكتاب طائفتان:
أما اليهود فأصل كفرهم تكذيب الرسول وسبه أعظم من تكذيبه