بقضاء الله وقضاء رسوله فنزل قوله:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ} الآية وقال جبريل: إن عمر فرق بين الحق والباطل فسمي الفاروق وقد تقدمت هذه القصة مروية من وجهين.
ففي هذه الأحاديث دلالة على أن قتل المنافق كان جائزا إذ لولا ذلك لأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من استأذنه في قتل المنافق ولأنكر على عمر إذ قتل من قتل من المنافقين ولأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الدم معصوم بالإسلام ولم يعلل ذلك بكراهية غضب عشائر المنافقين لهم وإن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه وأن يقول القائل: لما ظفر بأصحابه أقبل يقتلهم لأن الدم إذا كان معصوما كان هذا الوصف عديم التأثير في عصمة دم المعصوم ولا يجوز تعليل الحكم بوصف لا أثر له ونزل تعليله بالوصف الذي هو مناط الحكم وكما أنه دليل على القتل فهو دليل على القتل من غير استتابة على ما لا يخفى.
فإن قيل: فلم لم يقتلهم النبي صلى الله عليه وسلم مع علمه بنفاق بعضهم وقبل علانيتهم؟.
قلنا: إنما ذاك لوجهين:
أحدهما: أن عامتهم لم يكن ما يتكلمون به من الكفر مما يثبت عليهم بالبينة بل كانوا يظهرون الإسلام ونفاقهم يعرف تارة بالكلمة يسمعها منهم الرجل المؤمن فينقلها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيحلفون بالله أنهم ما قالوها أو لا يحلفون وتارة بما يظهر من تأخرهم عن الصلاة والجهاد واستثقالهم للزكاة وظهور الكراهية منهم لكثير من أحكام الله وعامتهم يعرفون في لحن القول كما قال الله: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ