صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً} فعلم أن من لم يعترف بذنبه كان من المنافقين ولهذا الحديث قال الإمام أحمد في الرجل يشهد عليه بالبدعة فيجحد:"ليست له توبة إنما التوبة لمن اعترف فأما من جحد فلا توبة له".
قال القاضي أبو يعلي وغيره: وإذا اعترف بالزندقة ثم تاب قبلت توبته لأنه باعترافه يخرج عن حد الزندقة لأن الزنديق هو الذي يستبطن الكفر ولا يظهره فإذا اعترف به ثم تاب خرج عن حده فلهذا قبلنا توبته ولهذا لم يقبل علي رضي الله عنه توبة الزنادقة لما جحدوا.
وقد يستدل على المسألة بقوله تعالى:{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} الآية وروى الإمام أحمد بإسناده عن أبي العالية في قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} قال: "هذه في أهل الإيمان"{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} قال: "هذه في أهل النفاق"{وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} قال: "هذه في أهل الشرك" هذا مع أنه الراوي عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فيما أظن أنهم قالوا: "كل من أصاب ذنبا فهو جاهل بالله وكل من تاب قبل الموت فقد تاب من قريب".
ويدل على ما قال أن المنافق إذا أخذ ليقتل ورأى السيف فقد حضره الموت بدليل دخول مثل هذا في عموم قوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} وقوله تعالى: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْت} وقد قال حين حضره الموت {إِنِّي تُبْتُ الآنَ} فليست له توبة كما ذكره الله سبحانه نعم إن تاب توبة صحيحه فيما بينه وبين الله لم يكن ممن قال {إِنِّي تُبْتُ الآنَ} بل يكون ممن تاب من قريب لأن الله سبحانه إنما نفى التوبة عمن حضره الموت وتاب بلسانه فقط ولهذا قال في الأول {ثُمَّ يَتُوبُونَ}