الكافر أولى بالقتل لكل حال من المسلم وذلك أن الكافر قد ثبت المبيح لدمه وهو الكفر وإنما عصمه العهد وإظهاره السب لا ريب أنه محاربة لله ورسوله وإفساد في الأرض ونكاية في المسلمين فقد تحقق الفساد من جهته وإظهاره التوبة بعد القدرة عليه لا يوثق بها كتوبة غيره من المحاربين لله ورسوله الساعين في الأرض فسادا بخلاف من علم منه الإسلام وصدرت منه الكلمة من السب مع إمكان أنها لم تصدر عن اعتقاد بل خرجت سفها أو غلطا فإذا عاد إلى الإسلام مع أنه لم يزل يتدين به لم يعلم منه خلافه كان أولى بقبول توبته لأن ذنبه أصغر وتوبته أقرب إلى الصحة.
ثم إنه يجاب عنه بأن إظهار المسلم تجديد الإسلام بمنزلة إظهار الذمي الإسلام لأن الذمي كان يزعه عن إظهار سبه ما أظهره من الأمان كما يزع المسلم ما أظهره من عقد الإيمان فإذا كان المسلم الآن إنما يظهر عقد إيمان قد ظهر ما يدل على فساده فكذلك الذمي إنما يظهر عقد إيمان قد ظهر ما يدل على فساده فإن من يتهم في أمانه يتهم في إيمانه ويكون منافقا في الإيمان كما كان منافقا في الأمان بل ربما كان حال هذا الذي تاب بعد معاينة السيف أشد على المسلمين من حاله قبل التوبة فإنه كان في ذلة الكفر والآن فإنه قد يشرك المسلمين في ظاهر العز مع ما ظهر من نفاقه وخبثه الذي لم يظهر ما يدل على زواله على أن في تعليل سبه بالزندقة نظرا فإن السب أمر ظاهر أظهره ولم يظهر منه ما يدل على استبطانه إياه قبل ذلك ومن الجائز أن يكون قد حدث له ما أوجب الردة.
نعم إن كان ممن تكرر ذلك منه أو له دلالات على سوء العقيدة فهنا الزندقة ظاهرة لكن يقال: نحن نقتله لأمرين لكونه زنديقا ولكونه