وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: قذف المحصنات من الموجبات ثم قرأ: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} الآية وعن عمرو بن قيس قال: "قذف المحصنة يحبط عمل تسعين سنة" رواهما الأشج وهذا قول كثير من الناس ووجه ظاهر الخطاب فإنه عام فيجب إجراءه على عمومه إذ لا موجب لخصوصه وليس هو مختصا بنفس السبب بالاتفاق لأن حكم غير عائشة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم داخل في العموم وليس هو من السبب ولأنه لفظ جمع والسبب في واحدة ولأن قصر عمومات القرآن على أسباب نزولها باطل فإن عامة الآيات نزلت بأسباب اقتضت ذلك وقد علم أن شيئا منها لم يقصر على سببه والفرق بين الآيتين أنه في أول السورة ذكر العقوبات المشروعة على أيدي المكلفين من الجلد ورد الشهادة والتفسيق وهنا ذكر العقوبة الواقعة من الله سبحانه وهي اللعنة في الدارين والعذاب العظيم.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجهه وعن أصحابه أن قذف المحصنات من الكبائر وفي لفظ في الصحيح "قذف المحصنات الغافلات المؤمنات" وكان بعضهم يتأول على ذلك قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} ثم اختلف هؤلاء:
فقال أبو حمزة الثمالي: بلغنا أنها نزلت في مشركي أهل مكة إذ كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فكانت المرأة إذا خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مهاجرة قذفها المشركون من أهل مكة وقالوا: "إنما خرجت تفجر" فعلى هذا يكون فيمن قذف المؤمنات قذفا يصدهن به عن الإيمان ويقصد بذلك ذم المؤمنين لينفر الناس عن الإسلام كما فعل كعب ابن الأشرف وعلى هذا فمن فعل ذلك فهو كافر وهو بمنزلة من سب النبي صلى الله عليه وسلم