بتقبيح من يعتقد كذبه ولا يتدين بتقبيح خالقه الذي يقر أنه خالقه وقد يكون من هذا الوجه أولى بأن لا يسقط عنه القتل ممن سب الرسول ولهذا لم يذكر عن مالك نفسه وأحمد استثناء فيمن سب الله تعالى كما ذكر عنهما الاستثناء لمن سب الرسول وإن كان كثير من أصحابهما يرون الأمر بالعكس وإنما قصدا هذا الضرب من السب ولهذا قرنا بين المسلم والكافر فلا بد أن يكون سبا منهما وأشبه شيء بهذا الضرب من الأفعال زناه بمسلمة فإنه محرم في دينه مضر بالمسلمين فإذا أسلم لم يسقط عنه بل إما أن يقتل أو يحد حد الزنا كذلك سب الله تعالى حتى لو فرض أن هذا الكلام لا ينقض العهد لوجب أن يقام عليه حده لأن كل أمر يعتقده محرما فإنا نقيم عليه فيه حد الله الذي شرعه في دين الإسلام وإن لم يعلم مأخذه في كتابه مع أن الأغلب على القلب أن أهل الملل كلهم يقتلون على مثل هذا الكلام كما أن حده في دين الله القتل ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أقام على الزاني منهم حد الزنا قال:"اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه" ومعلوم أن ذلك الزاني منهم لم يكن يسقط عنه لو أسلم فإقامة الحد على من سب الرب تبارك وتعالى سبا هو سب في دين الله ودينهم عظيم عند الله وعندهم أولى أن يحيا فيه أمر الله ويقام عليه حده.
وهذا القسم قد اختلف الفقهاء فيه على ثلاثة أقوال:
أحدها: أن الذمي يستتاب منه كما يستتاب المسلم منه هذا قول طائفة من المدنيين كما تقدم وكأن هؤلاء لم يروه نقضا للعهد لأن ناقض العهد يقتل كما يقتل المحارب ولا معنى لاستتابة الكافر الأصلي المحارب وإنما رأوا حده القتل فجعلوه كالمسلم وهو يستتيبون المسلم فكذلك يستتاب الذمي