وهذه المرأة إما أن تكون زوجة لهذا الرجل أو مملوكه له وعلى التقديرين فلو لم يكن قتلها جائزا لبين النبي صلى الله عليه وسلم له أن قتلها كان محرما وأن دمها كان معصوما ولأوجب عليه الكفارة بقتل المعصوم والدية إن لم تكن مملوكه له فلما قال:" اشهدوا أن دمها هدر " والهدر الذي لا يضمن بقود ولا دية ولا كفارة علم أنه كان مباحا مع كونها كانت ذمية فعلم أن السب أباح دمها لا سيما والنبي صلى الله عليه وسلم إنما أهدر دمها عقب إخباره بأنها قتلت لأجل السب فعلم أنه الموجب لذلك والقصة ظاهرة الدلالة في ذلك.
الحديث الثالث: ما احتج به الشافعي على أن الذمي إذا سب قتل وبرئت منه الذمة وهو قصة كعب بن الأشرف اليهودي.
قال الخطابي: قال الشافعي: يقتل الذمي إذا سب النبي صلى الله عليه وسلم وتبرأ منه الذمة واحتج في ذلك بخبر ابن الأشرف وقال الشافعي في الأم: لم يكن بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ولا قربه مشرك من أهل الكتاب إلا يهود أهل المدينة وكانوا حلفاء الأنصار ولم تكن الأنصار أجمعت أول ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إسلاما فوادعت يهود رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يخرج إلى شيء من عداوته بقول يظهر ولا فعل حتى كانت وقعة بدر فتكلم بعضها بعداوته والتحريض عليه فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم ومعلوم أنه إنما أراد بهذا الكلام كعب بن الأشرف.
والقصة مشهورة مستفيضة وقد رواها عمر بن دينار عن جابر بن عبد الله قال:"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله؟ " فقام محمد بن مسلمة فقال: أنا يا رسول الله أتحب أن أقتله؟ قال: نعم قال: فأذن لي أن أقول: شيئا قال قل قال: فأتاه