وهو أمر الله ورسوله بقتله ولو لم يرد هذا المعنى لقال: من لكعب فإنه قد بالغ في أذى الله تعالى ورسوله أو قد أكثر من أذى الله ورسوله أو قد داوم على أذى الله ورسوله وهو صلى الله عليه وسلم الذي أوتي جوامع الكلم وهو الذي لا ينطق عن الهوى ولم يخرج من بين شفتيه صلى الله عليه وسلم إلا حق في غضبه ورضاه.
وكذلك قوله في الحديث الآخر:"إنه نال منا الأذى وهجانا بالشعر ولا يفعل هذا أحد منكم إلا كان للسيف " ولم يقيده بالكثره.
الثاني: أنه آذاه بهجائه المنظوم واليهودية بكلام منثور وكلاهما أهدر دمه فعلم أن النظم ليس له تأثير في أصل الحكم إذ لم يخص ذلك الناظم والوصف إذا ثبت الحكم بدونه كان عديم التأثير فلا يجعل جزاء من العلة ولا يجوز أن يكون هذا من باب تعليل الحكم بعلتين لأن ذلك إنما يكون إذا لم تكن إحداهما مندرجة في الأخرى كالقتل والزنا أما إذا اندرجت إحداهما في الأخرى فالوصف الأعم هو العلة والأخص عديم التأثير.
الوجه الثالث: أن الجنس المبيح للدم لا فرق بين قليله وكثيره وغليظه وخفيفه في كونه مبيحا للدم سواء كان قولا أو فعلا كالردة والزنا والمحاربة ونحو ذلك وهذا هو قياس الأصول فمن زعم أن من الأقوال أو الأفعال ما يبيح الدم إذا كثر ولا يبيحه مع القلة فقد خرج عن قياس الأصول وليس له ذلك إلا بنص يكون أصلا بنفسه ولا نص يدل على إباحة القتل في الكثير دون القليل وما ذهب إليه المنازع من جواز قتل من كثر منه القتل بالمثقل والفاحشة في الدبر دون القبل إنما هو حكاية مذهب والكلام في الجميع واحد