وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" الأمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن " رواه أبو داود وغيره.
وقد زعم الخطابي أنهم إنما فتكوا به لأنه كان قد خلع الأمان ونقض العهد قبل هذا وزعم أن مثل هذا جائز في الكافر الذي لا عهد له كما جاز البيات والإغارة عليهم في أوقات الغرة لكن يقال: هذا الكلام الذي كلموه به صار مستأمنا وأدنى أحواله أن يكون له شبهة أمان ومثل ذلك لا يجوز قتله بمجرد الكفر فإن الأمان يعصم دم الحربي ويصير مستأمنا بأقل من هذا كما هو معروف في مواضعه وإنما قتلوه لأجل هجائه وأذاه لله ورسوله ومن حل قتله بهذا الوجه لم يعصم دمه بأمان ولا عهد كما لو آمن المسلم من وجب قتله لأجل قطع الطريق ومحاربة الله ورسوله والسعي في الأرض بالفساد الموجب للقتل أو آمن من وجب قتله لأجل زناه أو آمن من وجب قتله لأجل الردة أو لأجل ترك أركان الإسلام ونحو ذلك ولا يجوز أن يعقد له عقد عهد سواء كان عقد أمان أو عقد هدنة أو عقد ذمة لأن قتله حد من الحدود وليس قتله لمجرد كونه كافرا حربيا كما سيأتي وأما الإغارة والبيات فليس هناك قول أو فعل صاروا به آمنين ولا اعتقدوا أنهم قد أومنوا بخلاف قصة كعب بن الأشرف فثبت أن أذى الله ورسوله بالهجاء ونحوه لا يحقن معه الدم بالأمان فأن لا يحقن معه بالذمة المؤبدة والهدنة المؤقتة بطريق الأولى فإن الأمان يجوز عقده لكل كافر ويعقده كل مسلم ولا يشرط على المستأمن شيء من الشروط والذمة لا يعقدها إلا الإمام أو نائبه ولا يعقد إلا بشروط كثيرة تشترط على أهل الذمة: من التزام الصغار ونحوه وقد كان عرضت لبعض السفهاء شبهة في قتل ابن الأشرف فظن أن دم مثل هذا يعصم بذمة متقدمة أو بظاهر أمان وذلك نظير الشبهة التي عرضت لبعض الفقهاء