للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، فَضَرَبَ صَاحِبُ القداحِ القداحَ، فَخَرَجَ الأصْفران عَلَى الْغَزَالَيْنِ لِلْكَعْبَةِ، وَخَرَجَ الأسودان في الْأَسْيَافِ، وَالْأَدْرَاعُ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَتَخَلَّفَ قَدَحَا قُرَيْشٍ. فَضَرَبَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ الْأَسْيَافَ بَابًا لِلْكَعْبَةِ، وَضَرَبَ فِي الْبَابِ الْغَزَالَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَكَانَ أَوَّلَ ذَهَبٍ حُلِّيته الْكَعْبَةُ -فِيمَا يَزْعُمُونَ- ثُمَّ إنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ أَقَامَ سِقَايَةَ زَمْزَمَ لِلْحُجَّاجِ.

ذِكْرُ بئار قبائل قريش:

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَتْ قُرَيْشٌ قَبْلَ حَفْرِ زَمْزَمَ قَدْ احْتَفَرَتْ بِئَارًا بِمَكَّةَ١، فِيمَا حَدَّثَنَا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق، قال:

عبد شمس يحفر الطَّوِي: حَفَرَ عَبْدُ شَمْسِ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ الطَّوِيَّ، وهي الْبِئْرُ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ عِنْدَ الْبَيْضَاءِ، دار محمد بن يوسف.

هاشم يحفر بذَّر٢: وَحَفَرَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ بَذَّر٢، وَهِيَ الْبِئْرُ الَّتِي عِنْدَ المسْتَنْذَر، خَطْم الخَنْدمة عَلَى فَمِ شِعْب أَبِي طَالِبٍ، وَزَعَمُوا أَنَّهُ قَالَ حِينَ حَفَرَهَا: لأجعلنَّها بَلَاغًا لِلنَّاسِ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَالَ الشَّاعِرُ:

سَقَى اللَّهُ أَمْوَاهًا عرفتُ مكانَها ... جُرَابًا ومَلْكوما وبَذَّرَ والغَمْرا


١ ذكروا أن قصيًّا كان يسقي الحجيج في حياض من أدم، وكان ينقل الماء إليها من آبار خارجة من مكة منها: بئر ميمون الحضرمي، وكان ينبذ لهم الزبيب. ثم احتفر قصي العَجُول في دار أم هانئ بنت أبي طالب، وهي أول سقاية احتُفرت بمكة، وكانت العرب إذا استقوا منها ارتجزوا، فقالوا:
نُروى على العَجُول، ثم ننطق ... إن قُصيًّا قد وفى وقد صدق
فلم تزل العجول قائمة حياةَ قصي، وبعد موته، حتى كبر عبد مناف بن قصي، فسقط فيها رجل من بني جُعَيل، فعطلوا العجول، واندفنت. انظر: "الروض الأنف، بتحقيقنا ج١ ص١٧٢".
٢ لفظ بَذَّر مأخوذ من التبذير، وهو التفريق، ولعل ماءها كان يخرج متفرقًا من غير مكان واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>