للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَرْضِ الرُّومِ، فاشتُرِيَ مِنْهُمْ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صُهَيب سابق الروم" ١.

مباداة رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قومَه، وما كان منهم:

أَمْرُ اللَّهِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُبَادَاةِ قَوْمِهِ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ دَخَلَ النَّاسُ فِي الْإِسْلَامِ أرْسالًا مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، حَتَّى فَشَا ذكرُ الْإِسْلَامِ بِمَكَّةَ، وتُحدث بِهِ. ثُمَّ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ رسولَه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَصْدعَ بِمَا جَاءَهُ مِنْهُ، وَأَنْ يباديَ النَّاسَ بِأَمْرِهِ، وَأَنْ يدعوَ إلَيْهِ، وَكَانَ بَيْنَ مَا أَخْفَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمْرَهُ وَاسْتَتَرَ بِهِ إلَى أَنْ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِإِظْهَارِ دِينِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ -فِيمَا بَلَغَنِي- مِنْ مَبْعَثِهِ؛ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر:٩٤] ٢. وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ، وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ} .

معنى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: ٩٤] : قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: اصْدَعْ: افْرُقْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.

قَالَ أَبُو ذُؤيْب الهُذَلي، وَاسْمُهُ خُوَيْلد بْنُ خَالِدٍ، يَصِفُ أُتُنَ٣ وحْش وفحلَها:

وكأنهنَّ رِبابَة وَكَأَنَّهُ يَسَر ... يفيضُ عَلَى القِداحِ ويَصْدُعُ٤

أَيْ يُفَرِّق عَلَى الْقِدَاحِ وَيُبَيِّنُ أنصباءَها. وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ، وَقَالَ رُؤبَة بْنُ العَجَّاج:

أنتَ الحليمُ والأميرُ المنتقمْ ... تَصدَعُ بالحقِّ وتَنْفِي مَنْ ظَلَمْ


١ انظر زيادة في نسب هؤلاء وأبحاثًا كثيرة عنهم في: "الروض الأنف، بتحقيقنا، ج١ ص٢٨٦- ٢٩٤".
٢ المعنى: اصدع بالذي تؤمر به، ولكنه لما عدي الفعل إلى الهاء حسن حذفها، وكان الحذف ههنا أحسن من ذكرها؛ لأن ما فيها من الإبهام أكثر مما تقتضيه "الذي"، وقولهم: "ما" مع الفعل بتأويل المصدر، راجع إلى المعنى الذي إذا تأملته، وذلك أن "الذي" تصلح في كل موضع تصلح فيه "ما" التي يسمونها المصدرية نحو قول الشاعر:
عسى الأيام أن يرجعـ ... ـن يومًا كالذي كانوا
انظر: "الروض الأنف، بتحقيقنا، ج٢ ص٦".
٣ الأتن مفردها أتان وهي أنثى الحمر.
٤ الربابة: جلدة تلف فيها قداح الميسر، واليسر الذي يدخل في الميسر. والقداح مفردها قدح وهو السهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>