للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هَذَا مَا صَحَّ لِي مِنْ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ ينكر أكثرها.

الرسول عليه السلام يستسقي لأهل المدينة ويود لو أن أبا طالب حي ليرى ذَلِكَ: قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ، قَالَ: أَقْحَطَ أهلُ الْمَدِينَةِ، فأتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَشَكَوْا ذَلِكَ إلَيْهِ، فَصَعِدَ رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمِنْبَرَ فَاسْتَسْقَى١ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ مِنْ الْمَطَرِ مَا أَتَاهُ أهلُ الضَّوَاحِي٢ يَشْكُونَ مِنْهُ الْغَرَقَ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا" ٣، فَانْجَابَ السَّحَابُ عَنْ الْمَدِينَةِ فَصَارَ حَوَالَيْهَا كَالْإِكْلِيلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أَدْرَكَ أَبُو طَالِبٍ هَذَا الْيَوْمَ لَسَرَّهُ"، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: كَأَنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَدْتَ قَوْلَهُ:

وأبيضُ يُسْتَسْقَى الغمامُ بوجهِه ... ثمالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ للأراملِ

قَالَ: "أَجَلْ".

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَوْلُهُ "وَشَبْرِقَهٌ" عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.

ذكر الْأَسْمَاءُ الَّتِي وَرَدَتْ فِي قَصِيدَةِ أَبِي طَالِبٍ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَالْغَيَاطِلِ: مِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بنْ هَصيص، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ. ومُطْعِم بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. وزُهير بْنُ أَبِي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عُمر بن مخزوم، أمه عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَسِيدٌ، وبِكْره: عَتَّاب بْنُ أَسِيدِ بْنِ أَبِي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ. وَعُثْمَانُ بْنُ عُبيد اللَّهِ، أَخُو طَلْحَةَ بْنِ عُبيد اللَّهِ التيْمي. وقنفذ بن عُمَير بْنِ جُدْعان بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْم بْنِ مُرَّةَ. وَأَبُو الْوَلِيدِ عتبة بن ربيعة. وأبو الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ الثَّقَفِيُّ، حَلِيفُ بَنِي زُهرة بن كلاب.


١ حديث الاستسقاء بالمدينة حديث مروي من طرق كثيرة وبألفاظ مختلفة.
٢ الضواحي: جمع ضاحية، وهي الأرض البراز التي ليس فيها ما يكن من المطر، ولا منجاة من السيول، وقيل: ضاحية كل بلد، خارجه.
٣ وقوله عليه السلام: "اللهم حوالينا، ولا علينا" كقوله في حديث آخر: "اللهم منابت الشجر، وبطون الأودية، وظهور الآكام"، فلم يقل: اللهم ارفعه عنا هو من حسن الأدب في الدعاء؛ لأنها رحمة الله، ونعمته المطلوبة منه، فكيف يطلب منه رفع نعمته، وكشف رحمته، وإنما يسئل سبحانه كشف البلاء، والمزيد من النعماء، ففيه تعليم كيفية الاستسقاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>