للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بْنِ قُصي، وَكَانَ يُقِيمُ عِنْدَهُمْ السِّنِينَ بِامْرَأَتِهِ قَصِيدَةً يُعَظِّمُ فِيهَا الْحُرْمَةَ، وَيَنْهَى قُرَيْشًا فِيهَا عَنْ الْحَرْبِ، وَيَأْمُرُهُمْ بِالْكَفِّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَيَذْكُرُ فضلَهم وأحلامَهم، وَيَأْمُرُهُمْ بالكفِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويذكِّرهم بلاءَ اللَّهِ عِنْدَهُمْ، وَدَفْعَهُ عَنْهُمْ الْفِيلَ وَكَيْدَهُ عَنْهُمْ، فَقَالَ:

يَا رَاكِبًا إمَّا عَرَضتَ فبلِّغنْ ... مُغَلغلَةً عَنِّي لُؤيَّ بنَ غالبِ١

رَسُولُ امْرِئٍ قَدْ رَاعَهُ ذَاتُ بَيْنِكُمْ ... عَلَى النأيِ محزونٍ بذلكِ ناصبِ٢

وَقَدْ كَانَ عِنْدِي للهمومِ معَرَّسٌ ... فَلَمْ أقضِ مِنْهَا حَاجَتِي وَمَآرِبِي٣

نُبِّيتُكم شَرْجَيْن كُلَّ قبيلةٍ ... لَهَا أزْمَلٌ مِنْ بَيْنِ مُذْكٍ وحاطبِ٤

أُعِيذُكُمْ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّ صنعِكم ... وشرِّ تَبَاغِيكُمْ ودسِّ العقاربِ

وإظهارِ أخلاقٍ ونجْوَى سَقِيمَةٍ ... كوخزِ الْأَشَافِي وقعُها حقُّ صَائِبِ٥

فذكرْهمْ باللهِ أولَ وهلةٍ ... وَإِحْلَالِ أَحْرَامِ الظباءِ الشوازبِ٦

وَقُلْ لَهُمْ وَاَللَّهُ يحكمُ حُكْمَهُ ... ذَرُوا الحربَ تذهبْ عَنْكُمْ فِي المَراحبِ٧

مَتَى تَبْعَثُوهَا تَبْعَثُوهَا ذَمِيمَةً ... هِيَ الغُولُ للأقصينَ أَوْ للأقاربِ٨

تُقطِّعُ أَرْحَامًا وتُهلك أُمَّةً ... وَتَبْرِي السَّديفَ من سَنام وغاربِ٩


١ المغلغلة: الداخلة إلى أقصى ما يراد بلوغه منها. يراد بها الرسالة.
٢ الناصب: المعيي.
٣ أصل المعرس: المكان الذي ينزل فيه المسافرون ليلا للاستراحة.
٤ شرجين: فريقين مختلفين والأزمل: الصوت، والمذكى: الذي يوقد النار، والحاطب: الذي يحطب لها، ضرب هذا مثلا لنار الحرب، كما قال الشاعر:
أرى خلل الرماد وميض نار ... ويوشك أن يكون لها ضرام
فإن النار بالعودين تذكى ... وإن الحرب أولها الكلام
٥ الأشافي: المخارز.
٦ أحرام الظباء: التي يحرم صيدها في الحرام، والشوازب ضامرة البطن.
٧ المراحب: الأماكن المتسعة.
٨ الغول: الهلاك.
٩ تبرى: تقطع. السديف: لحم السنام. الغارب: أعلى الظهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>