للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} إلَى قَوْلِهِ: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ} أَهْلُ السُّلْطَانِ وَالْمُلْكِ مِنْهُمْ. {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا، سَيَقُولُونَ} يَعْنِي أَحْبَارَ يَهُودَ الَّذِينَ أَمَرُوهُمْ بِالْمَسْأَلَةِ عَنْهُمْ: {ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ} ، أَيْ: لَا عِلْمَ لَهُمْ. {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا} أَيْ: لَا تُكَابِرْهُمْ، {وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا} فَإِنَّهُمْ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِمْ.

{وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} ، أَيْ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءِ سَأَلُوكَ عَنْهُ كَمَا قُلْتُ فِي هذا: إني مخبركم غدًا. واستثن مشيئة الله، واذكر ربك إذا نسيت، وقل عسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِخَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمُونِي عَنْهُ رَشَدًا، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَنَا صَانِعٌ فِي ذَلِكَ. {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} ، أَيْ: سَيَقُولُونَ ذَلِكَ. {قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} أَيْ: لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا سألوك عنه.

ذو القرنين: وَقَالَ فِيمَا سَأَلُوهُ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الرَّجُلِ الطوَّاف: {وَيَسْأَلونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا، إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا، فَأَتْبَعَ سَبَبًا} حَتَّى انْتَهَى إلَى آخِرِ قِصَّةِ خَبَرِهِ.

وَكَانَ مِنْ خَبَرِ ذِي الْقَرْنَيْنِ أَنَّهُ أُوتِيَ مَا لَمْ يؤتَ أحدٌ غَيْرُهُ، فمُدت لَهُ الْأَسْبَابُ حَتَّى انْتَهَى مِنْ الْبِلَادِ إلَى مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، لَا يَطَأُ أَرْضًا إلَّا سُلط عَلَى أهلِها، حَتَّى انْتَهَى مِنْ المشرقِ والمغربِ إلَى مَا لَيْسَ وراءَه شَيْءٌ مِنْ الْخَلْقِ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي مِنْ يَسُوقُ الأحاديثَ عَنْ الْأَعَاجِمِ فِيمَا تَوَارَثُوا مِنْ عِلْمِهِ: أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ كَانَ رَجُلًا مِنْ أهلِ مِصْرَ. اسمُه مُرْزُبان بْنُ مَرْذبة الْيُونَانِيُّ، مِنْ وَلَدِ يُونَانِ بْنِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْمُهُ الِإسكندر، وَهُوَ الَّذِي بَنَى الِإسكندرية فَنُسِبَتْ إلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ حَدَّثَنِي ثَوْر بْنُ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدان الكَلاعيِّ، وَكَانَ رَجُلًا قَدْ أَدْرَكَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئل عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ فَقَالَ: مَلِك مَسَحَ الأرضَ مِنْ تحتِها بالأسبابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>