قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ:
فِي ظلِّ عَصْرَيْ بَاطِلِي وَلَمْزِي
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أُرْجُوزَةٍ لَهُ، وجمعه: لمزات.
إيذاء العاص للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا نَزَلَ فِيهِ من قرآن: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَالْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمي، كَانَ خَبَّاب بْنُ الأرَتّ، صاحبُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَيْنًا بِمَكَّةَ يَعْمَلُ السُّيُوفَ، وَكَانَ قَدْ بَاعَ مِنْ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ سُيُوفًا عَمِلَهَا لَهُ حَتَّى كَانَ لَهُ مَالٌ، فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ فَقَالَ لَهُ يَا خَبَّابُ: أَلَيْسَ يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ صَاحِبُكُمْ هَذَا الَّذِي أَنْتَ عَلَى دِينِهِ أَنَّ فِي الْجَنَّةِ مَا ابْتَغَى أَهْلُهَا مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ ثِيَابٍ أَوْ خَدَمٍ؟ قَالَ خَباب: بَلَى. قَالَ: فَأَنْظِرْنِي إلَى يَوْمِ القيامةِ يَا خَباب، حَتَّى أرْجعَ إلى تلك الدار فأقضيَك هناك حقَّك، فوالله لا تكون أنت وأصحابك يَا خَبَّابُ آثَرَ عِنْدَ اللَّهِ مِنِّي، وَلَا أَعْظَمَ حَظًّا فِي ذَلِكَ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا، أَطَّلَعَ الْغَيْبَ} [مريم: ٧٧، ٧٨] إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا} [مريم: ٨٠] .
إيذاء أبي جهل الرسول: وَلَقِيَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فِيمَا بَلَغَنِي- فَقَالَ لَهُ: وَاَللَّهِ يَا محمدُ، لتتركنَّ سبَّ آلِهَتِنَا، أَوْ لنسبنَّ إلَهَكَ الَّذِي تَعْبُدُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: ١٠٨] فَذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَفَّ عَنْ سَبِّ آلِهَتِهِمْ، وَجَعَلَ يدعوهم إلى الله.
إيذاء النضر الرسول: وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ كَلدَة بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصي، كَانَ إذَا جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَجْلِسًا، فَدَعَا فِيهِ إلَى الله تعالى وتلا فيه القرآن وحذر قُرَيْشًا مَا أَصَابَ الأممَ الْخَالِيَةَ، خَلَفه فِي مَجْلِسِهِ إذَا قَامَ، فَحَدَّثَهُمْ عَنْ رُستم السِّنْدِيدِ، وَعَنْ أَسْفِنْدِيَارَ، وَمُلُوكِ فَارِسَ، ثُمَّ يَقُولُ: وَاَللَّهِ ما محمد بأحسن حديثًا مني، وما أحاديثُه إلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، اكْتَتَبَهَا كَمَا اكْتَتَبْتهَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: ٥، ٦] وَنَزَلَ فِيهِ: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [القلم: ١٥] وَنَزَلَ فِيهِ: {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ، يَسْمَعُ آيَاتِ اللهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الجاثية: ٧، ٨]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْأَفَّاكُ: الْكَذَّابُ. وَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ، وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute