أَعَزُّ مِنْكَ وَأَقْدَرُ يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ، فقال له الوليد: هلم يابن أَخِي، إنْ شِئْتَ فَعُدْ إلَى جِوَارِكَ، فَقَالَ: لا.
أبو سلمة في جوار أبي طالب: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَمَّا أَبُو سَلَمة بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ، فَحَدَّثَنِي أَبِي: إسحاقُ بْنُ يَسار عَنْ سَلمة بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ لَمَّا اسْتَجَارَ بِأَبِي طَالِبٍ، مَشَى إلَيْهِ رجال من بن مخزوم، فقالوا: يَا أَبَا طَالِبٍ، لَقَدْ منعتَ مِنَّا ابنَ أَخِيكَ مُحَمَّدًا، فَمَا لَكَ وَلِصَاحِبِنَا تَمْنَعُهُ مِنَّا؟ قَالَ: إنَّهُ اسْتَجَارَ بِي، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِي، وَإِنْ أَنَا لَمْ أَمْنَعْ ابنَ أُخْتِي لَمْ أَمْنَعْ ابنَ أَخِي، فَقَامَ أَبُو لَهَبٍ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَاَللَّهِ لَقَدْ أَكْثَرْتُمْ عَلَى هذا الشيخ، لا تزالون تتواثبون عَلَيْهِ فِي جوارِه مِنْ بَيْنِ قَوْمِهِ، وَاَللَّهِ لَتَنْتَهُنَّ عَنْهُ أَوْ لَنَقُومَنَّ مَعَهُ فِي كلِّ مَا قَامَ فِيهِ، حَتَّى يَبْلُغَ مَا أَرَادَ. قَالَ: فَقَالُوا: بَلْ نَنْصَرِفُ عَمَّا تَكْرَهُ يَا أَبَا عتبةَ، وَكَانَ لَهُمْ وَلِيًّا وَنَاصِرًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَبْقَوْا عَلَى ذَلِكَ، فَطَمِعَ فِيهِ أَبُو طَالِبٍ حَيْنَ سَمِعَهُ يَقُولُ مَا يَقُولُ، وَرَجَا أَنْ يَقُومَ مَعَهُ فِي شَأْنِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ يحرِّض أَبَا لَهَبٍ عَلَى نُصرتِه وَنُصْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وَإِنَّ امْرَأً أَبُو عُتَيْبة عَمُّه ... لَفِي روضةٍ مَا إنْ يُسامُ المَظالمَا
أَقُولُ لَهُ، وَأَيْنَ مِنْهُ نَصِيحَتِي ... أَبَا مُعْتب ثبتْ سوادَك قائمَا١
وَلَا تقبلنَّ الدهرَ مَا عشتَ خُطةً ... تُسَب بِهَا إمَّا هَبطت الْمَوَاسِمَا
وولِّ سبيلَ العجزِ غيرَك منهمُ ... فَإِنَّكَ لَمْ تُخلَقْ عَلَى العجزِ لازمًا
وحاربْ فإن الحربَ نُصْف وما تَرَى ... أَخَا الحربِ يُعطى الخسْفَ حَتَّى يُسالما
وَكَيْفَ وَلَمْ يَجْنُوا عليكَ عَظِيمَةً ... وَلَمْ يَخْذُلُوكَ غَانِمًا أَوْ مُغارِما
جَزَى اللهُ عَنَّا عبدَ شمسٍ ونَوْفلًا ... وتَيْمًا وَمَخْزُومًا عُقوقا وَمَأْثَمَا
بتفريقِهم مِنْ بعدِ وُد وألفَةٍ ... جَمَاعَتَنَا كَيْمَا يَنَالُوا المحارِما
كَذَبْتُمْ وبيتِ اللَّهِ نُبزَى مُحَمَّدًا ... وَلَمَّا تَرَوْا يَوْمًا لَدَى الشِّعْب قَائِمَا
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: نُبْزَى: نُسْلَبُ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَقِيَ منها بيت تركناه.
١ سوادك: شخصك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute