للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَتَى مَا تُنَاخِي عندَ بابِ ابنَ هَاشِمٍ ... تُراحي وتَلْقَى مِنْ فواضلِه نَدَى

نَبِيًّا يَرَى مَا لَا تروْن وذِكْرُه ... أَغَارَ لَعَمْرِي فِي البلادِ وأنْجدَا

لَهُ صَدَقَاتٌ مَا تغِبُّ ونائِل ... وَلَيْسَ عطاءُ اليومِ مانعَه غدَا

أجِدُّك لَمْ تسمعْ وَصَاةَ محمدٍ ... نَبِيِّ الإِلهِ حيثُ أوْصَى وأشْهدَا

إذَا أَنْتَ لَمْ ترحلْ بزادٍ مَنْ التُّقَى ... وِلاقيْتَ بعدَ الموتِ مَنْ قَد تَزَوَّدَا

ندمتَ على ألا تكونَ كمثلِه ... فتُرْصِدُ للموتِ الَّذِي كَانَ أرْصَدا١

فَإِيَّاكَ والميتَاتِ لَا تقربنَّها ... ولا تأخذَنْ سهمًا حديدًا لتُفْصِدَا

ولا النَّصَب الْمَنْصُوبَ لَا تنسكُنَّه ... وَلَا تَعْبُدْ الأوثانَ وَاَللَّهَ فَاعْبُدَا٢

وَلَا تَقْرَبنْ حُرَّةً كَانَ سِرُّها ... عَلَيْكَ حَرَامًا فانْكَحَنْ أَوْ تأبدَا٣

وَذَا الرحِمِ القُرْبَى فَلَا تَقْطعَنَّه ... لعاقبةٍ وَلَا الْأَسِيرَ المقيَّدَا

وسبِّح عَلَى حينِ العشياتِ والضُّحَى ... وَلَا تَحْمَدِ الشيطانَ والله فاحمدَا

ولاتسْخرَنْ مِنْ بائسٍ ذِي ضَرارَةٍ ... وَلَا تحسَبَنَّ المالَ للمرءِ مُخلِدَا٤

نهاية الأعشى: فَلَمَّا كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، اعْتَرَضَهُ بعضُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَمْرِهِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ جَاءَ يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيُسْلِمَ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا بَصِيرٍ، إنَّهُ يحرِّم الزِّنَا، فَقَالَ الْأَعْشَى: وَاَللَّهِ إنَّ ذَلِكَ لَأَمْرٌ مَا لِي فِيهِ مِنْ أرَب، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا بَصِيرٍ، فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ الْخَمْرَ، فَقَالَ الْأَعْشَى: أَمَّا هَذِهِ فَوَاَللَّهِ إنَّ فِي النَّفْسِ مِنْهَا لعُلالات، وَلَكِنِّي مُنْصَرِفٌ فأتروَّى مِنْهَا عَامِي هَذَا، ثُمَّ آتِيهِ فأسْلم٥، فَانْصَرَفَ فَمَاتَ فِي عَامِهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَعُدْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.


١ أرصد: أعد.
٢ وقف على النون الخفيفة بالألف ولذلك كتبت في الخط بالألف والوقف عليها بالألف وقيل إنه لم رد النون الخفيفة، وإنما خاطب الواحد بخطاب الاثنين.
٣ تأبد: بعد عن النساء.
٤ ضرارة ضرورة.
٥ قال السهيلي: وهذه غفلة من ابن هشام، ومن قال بقوله: فإن الناس مجمعون على أن الخمر لم ينزل تحريمها إلا بالمدينة بعد أن مضت بدر وأحد، وحرمت في سورة المائدة، وهي من آخر ما نزل؛ وفي الصحيحين من ذلك قصة حمزة حين شربها، وغنته القينتان: ألا يا حمز، للشرف النواء، فبقر خواصر الشارفين، واجتب أسنمتها. فإن صح خبر الأعشى، وما ذكر له في الخمر، فلم يكن هذا بمكة، وإنما كان بالمدينة، ويكون القائل له: أما علمت أنه جرم الخمر، من المنافقين، أو من اليهود، فالله أعلم: وفي القصيدة ما يدل على هذا قوله: فإن لها في أهل يثرب موعدًا، وقد ألفيت للقالي رواية عن أبي عبيدة قال: لقي الأعشى عامر بن الطفيل في بلاد قيس، وهو مقبل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر له أنه يحرم الخمر، فرجع، فهذا أولى بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>