للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّاسَ؛ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاَللَّهِ لَئِنْ كَانَ قَالَهُ لَقَدْ صَدَقَ، فَمَا يُعْجِبُكُمْ مِنْ ذَلِكَ! فَوَاَللَّهِ إنَّهُ لَيُخْبِرُنِي أَنَّ الْخَبَرَ لَيَأْتِيهِ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الْأَرْضِ فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَأُصَدِّقُهُ، فَهَذَا أَبْعَدُ مِمَّا تَعْجَبُونَ مِنْهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى انْتَهَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ. أحدَّثت هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ أَنَّكَ جِئْتَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ هَذِهِ اللَّيْلَةَ؟ قَالَ: "نَعَمْ"؛ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَصِفْهُ لِي، فَإِنِّي قَدْ جِئْتُهُ قَالَ الْحَسَنُ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَرُفِعَ لِي حَتَّى نَظَرْتُ إلَيْهِ" فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصِفُهُ لِأَبِي بَكْرٍ، وَيَقُولُ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، كَلَمَّا وَصَفَ لَهُ مِنْهُ شَيْئًا، قَالَ صَدَقْتَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، حَتَّى إذَا انْتَهَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَبِي بَكْرٍ: وَأَنْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقُ؛ فَيَوْمَئِذٍ سَمَّاهُ الصِّدِّيقَ.

قَالَ الْحَسَنُ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ ارْتَدَّ عَنْ إسْلَامِهِ لِذَلِكَ: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا} [الإسراء: ٦٠] .

فَهَذَا حَدِيثُ الْحَسَنِ عَنْ مَسرَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمَا دَخَلَ فِيهِ من حديث قتادة.

رواية عائشة: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَتْ تَقُولُ: مَا فُقِدَ جَسَدُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَكِنَّ الله أسرى بروحه.

رواية معاوية: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، كَانَ إذَا سُئِلَ عَنْ مَسْرَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: كانت رؤيا من الله تعالى صادقة.

الْإِسْرَاءُ رُؤْيَا: فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمَا، لِقَوْلِ الْحَسَنِ: إنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ، قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: ٦٠] ، وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْخَبَرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إذْ قَالَ لِابْنِهِ: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: ١٠٢] ثُمَّ مَضَى عَلَى ذَلِكَ. فَعَرَفْتُ أَنَّ الْوَحْيَ مِنْ اللَّهِ يَأْتِي الْأَنْبِيَاءَ أَيْقَاظًا وَنِيَامًا.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا بَلَغَنِي يَقُولُ: تَنَامُ عَيْنَايَ وَقَلْبِي يَقْظَانُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَيَّ ذَلِكَ كَانَ قَدْ جَاءَهُ، وَعَايَنَ فِيهِ مَا عَايَنَ، مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، عَلَى أَيِّ حَالَيْهِ كَانَ نَائِمًا، أو يقظان، كل ذلك حق وصدق.

<<  <  ج: ص:  >  >>