للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خُرُوجُ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَنَ ومُلك وَهْرِزَ على اليمن:

سيف يشكو لقيصر: فَلَمَّا طَالَ البلاءُ عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ، خَرَجَ سيفُ بْنُ ذِي يَزن الحميريُّ وَكَانَ يُكْنَى بِأَبِي مُرَّة، حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَيْصَرَ مَلِكِ الرُّومِ، فَشَكَا إلَيْهِ مَا هُمْ فِيهِ، وَسَأَلَهُ أَنْ يُخْرِجَهُمْ عَنْهُ، وَيليَهم هُوَ، وَيَبْعَثَ إلَيْهِمْ مَنْ شَاءَ مِنْ الرُّومِ، فَيَكُونُ لَهُ مُلْكُ اليمن، فلم يُشْكِه.

النعمان يتشفع لسيف عند كِسْرَى: فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى النعمانَ بنَ المنذِر٢ -وَهُوَ عَامِلُ كِسْرَى٣ عَلَى الحِيرة، وَمَا يَلِيهَا مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ- فَشَكَا إلَيْهِ أَمْرَ الْحَبَشَةِ، فَقَالَ لَهُ النُّعْمَانُ: إنَّ لِي عَلَى كِسْرَى وِفادةً فِي كلِّ عَامٍ، فأقمْ حَتَّى يكونَ ذَلِكَ، فَفَعَلَ، ثُمَّ خَرَجَ مَعَهُ فَأَدْخَلَهُ عَلَى كِسْرَى، وَكَانَ كِسْرَى يَجْلِسُ فِي إيوَانِ مجلِسه الَّذِي فِيهِ تاجُه، وَكَانَ تَاجُهُ، مِثْلَ الْقَنْقَل العظيم٤


١ وهو سيف بن ذي يزن بن ذي أصبح بن مالك بْنِ زَيْدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ جُشَمَ بْنِ عَبْدِ شمس بن وائل بن الغوث بن فطن بْنِ عَرِيبِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ أَيْمَنَ بْنِ الهميسع بن العرنجج وهو: حِمير بن سبأ.
٢ النعمان: اسم منقول من النعمان الذي هو الدم.
٣ وكسرى هذا هو: أنوشروان بن هباذ، ومعناه مُجدد الملك؛ لأنه جمع مُلك فارس بعد شتات.
٤ القَنْقَل الذي شبه به التاج هو مكيال عظيم. قال الراجز يصف الكماة:
مالك لا تجرفها بالقنقل ... لا خير في الكمأة إن لم تفعل
وفى الغريبين للهروي: القنقل: مكيال يسع ثلاثة وثلاثين منًّا، والمن وزن رطلين، وهذا التاج قد أتى به عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- حِينَ استلب من يزدجرد بن شهريار، تصيَّر إليه من قبل جده أنوشروان المذكور، فلما أتى به عمر -رضي الله عنه- دعا سراقة بن مالك المُذلِجي، فحلاه بأسورة كسرى، وجعل التاج على رأسه، وقال له: "قل: الحمد لله الذي نزع تاج كسرى، ملك الأملاك من رأسه، ووضعه في رأس أعرابي من بني مُدلج، وذلك بعز الإسلام وبركته لا بقوتنا"، وإِنما خص عُمر سُراقة بهذا؛ لأن رسول الله –صلى الله عليه وسلم– كان قال له: "يا سراقُ كيف بك إذا وضع تاج كسرى على رأسك وإسواره في يديك"، أو كما قال: -صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>