إذا تقرر هذا فكيف يمكن أن يفهم أحد من قوله تعالى في هذا الحديث القدسي:"كنت سمعه" إن الله سيكون جزءاً في هذا المخلوق الذي يتقرب إليه، والذي يستعيذ به، والذي يسأله، هذا لا يمكن أحداً أن يفهمه أحداً من سياق الحديث، وبهذا يكون معنى الحديث وظاهر الحديث وحقيقة الحديث: أن الله سبحانه وتعالى يسدد هذا الإنسان في سمعه، وبصره، وسعيه، فلا يسمع إلا بالله، ولله، وفي الله، ولا ينظر إلا لله، وبالله، وفي الله ولا يبطش إلا لله، وبالله، ولا يمشي إلا لله، وبالله، وفي الله، هذا هو معنى الحديث، وحقيقته وظاهره، وليس فيه ولله الحمد أي شيء من التأويل.
المثال السادس: قال أهل التأويل: إنكم يا أهل السنة أولتم قول الرسول، صلى الله عليه وسلم:"إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن" ١. حيث قلتم: إن المراد أن الله سبحانه وتعالى متصرف في القلوب، ولا يمكن أن تكون القلوب بين أصبعين من أصابع اليد فإن هذا يقتضي الحلول وأن أصابع الله خالة في صدر كل إنسان.