للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأنت محتجن عنه بعض ذلك؛ التماسًا لفضل الفعل على القول, واستعدادًا لتقصير فعل، إن قصر، فافعل.

واعلم أن فضل الفعل على القول زينة، وفضل القول على الفعل هجنة، وأن إحكام هذه الخلة من غرائب الخلال.

الصبر على الأعمال يخففها:

إذا تراكمت عليك الأعمال, فلا تلتمس الروح١ في مدافعتها٢, بالروغان منها٣, فإنه لا راحة لك إلا في إصدارها٤، وإن الصبر عليها هو الذي يخففها عنك، والضجر هو الذي يراكمها عليك.

فتعهد من ذلك في نفسك خصلة قد رأيتها تعتري بعض أصحاب الأعمال, وذلك أن الرجل يكون في أمر من أمره، فيرِدُ عليه شغل آخر، أو يأتيه شاغل من الناس يكره إتيانه, فيكدر ذلك بنفسه تكديرًا يفسد ما كان فيه, وما ورد عليه، حتى لا يحكم واحدًا منهما، فإذا ورد عليك مثل ذلك, فليكن معك رأيك, وعقلك اللذان بهما تختار الأمور، ثم اختر أولى الأمرين بشغلك، فاشتغل به حتى تفرغ منه, ولا يعظمن عليك فوت ما فات, وتأخير ما تأخر إذا أعملت الرأي معمله, وجعلت


١ الروح: الاستراحة.
٢ مدافعتها: تمهيلها إلى يوم بعد يوم.
٣ الروغان: الانحراف.
٤ إصدارها: إنجازها, والفراغ منها.

<<  <   >  >>