للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كيف تجالس الناس؟:

لا تجالس امرأ بغير طريقته، فإنك إن أردت لقاء الجاهل بالعلم، والجافي بالفقه١، والعييَّ بالبيان, لم تَزِدْ على أن تضيع علمك, وتؤذي جليسك بحملك عليه ثقل ما لا يعرف, وغمك إياه, بمثل ما يغتمُّ به الرجل الفصيح من مخاطبة الأعجمي الذي لا يفقه عنه.

واعلم أنه ليس من علم تذكره عند غير أهله إلا عابوه، ونصبوا له٢, ونقضوه عليك، وحرصوا على أن يجعلوه جهلًا، حتى إن كثيرًا من اللهو واللعب الذي هو أخف الأشياء على الناس, ليحضره من لا يعرفه, فيثقل عليه, ويغتم به.

وليعلم صاحبك أنك تشفق عليه, وعلى أصحابه، وإياك إن عاشرك امرؤ, أو رافقك أن لا يرى منك بأحد من أصحابه وإخوانه وأخدانه رأفة، فإن ذلك يأخذ من القلوب مأخذًا, وإن لطفك بصاحِبِ صَاحِبِكَ أحسن عنده موقعًا من لطفك به في نفسه.

واتق الفرح عند المحزون، واعلم أنه يحقد على المنطلق٣, ويشكر للمكتئب.


١ الفقه: العلم بالشيء, والفهم له.
٢ نصبوا له: عادوه, وتجردوا له.
٣ المنطلق: المسرور المتهلل.

<<  <   >  >>