للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أراد: من قبل أن يصطحبا. فحذف أن وأعملها والهاء في صاحبه للدينار.

يقول: كلما لقي الدينار في ملكه ديناراً آخر مثلة وهو المراد بقوله صاحبه افترق الدينار من قبل إتمام صاحبه للصحبه بينهما: بأن يهب أحدهما لواحدٍ والآخر لآخر.

وقد عيب البيت من جهة المناقضة لأنه قال: لقي الدينار صاحبه فأثبت بينهما المصاحبة، ثم نفاها. بقوله: قبل أن يصطحبها. والجواب: أنه أراد بالاصطحاب: أي يفترقان قبل استدامة الصحبة بينهما. فلا مناقضة فيه. ومثله قول الآخر:

لا يألف الدرهم المضروب خرقتنا ... لكن يمر عليها وهو منطلق

مالٌ كأن غراب البين يرقبه ... فكلما قيل: هذا مجتدٍ، نعبا

نعب الغراب: إذا صاح ومد عنقه، فإن قدها قيل: نعق.

يقول: له مال كأن غراب البين ينتظره! فإذا رأى طالب المعروف نعب في ماله، فيفرق شمله، كما يفرق شمل الأحباب عند صياحه. وقيل: أراد أن الغراب لا يفتر من الصياح، فكذلك هو في العطاء.

بحرٌ عجائبه لم تبق في سمرٍ ... ولا عجائب بحرٍ بعدها عجبا

الهاء في بعدها: راجعة إلى العجائب الأولى.

يقول: هو بحر ذو عجائب، تزيد على عجائب البحر، وسائر العجائب التي تحكى في الأسمار، فلم تبق عجائبه في حديث الأسمار ولا عجائب البحار بعدها عجباً.

يعني: العجائب التي تذكر في الأسمار وعجائب البحار بالإضافة إليه كلاشيء.

لا يقنع لبن عليٍّ نيل منزلةٍ ... يشكو محاولها التقصير والتعبا

لا يقنع: أي لا يرضى، وابن عليٍّ مفعوله، والفاعل: نيل منزلة، والهاء في محاولها: للمنزلة.

يقول: إنه إذا وصل إلى منزلة صعبة يقصر عنها من يطلبها، فإنه لا يرضى بها وطلب منزلة أعلى منها، وإن كانت بحيث يشكو طالبها قصوره عنها وتعبه فيها.

هز اللواء بنو عجلٍ به فغدا ... رأساً لهم وغدا كلٌّ له ذنبا

هز: أي حرك.

يقول: إن بني عجل حركوا لواءهم بسببه ومكانه، فجعلوه أميراً لهم، فرفعوا لواءهم فوقه، فأصبح هو سيدهم، وصاروا أذناباً له وأتباعاً. وقيل: إنه أراد أنه صار الناس أذناب بني عجل بقوته، فهم سادة الناس وهو سيدهم.

التاركين من الأشياء أهونها ... والراكبين من الأشياء ما صعبا

نصب التاركين، والراكبين: على المدح كأنه قال: أمدح التاركين.

المعنى: أنهم يتركون من الأمور ما هو سهل، ويفعلون ما هو أصعب على غيرهم؛ لفضل قوتهم وشجاعتهم. وهذا من قول الآخر:

ولا يرعون أكناف الهوينى ... إذا حلوا ولا روض الهدون

مبرقعي خيلهم بالبيض متخذي ... هام الكماة على أرماحهم عذبا

هذا أيضاً نصب على الحال، وحذف النون للإضافة. والعذبا: جمع عذبة، وهي الخرقة التي تشد على رأس الرمح.

يقول: إنهم قد برقعوا خيلهم بالسيوف؛ أي حفظوها بسيوفهم من الأعداء، فكأنهم غطوها بالسيوف، وجعلوها مكان البراقع. وقيل: أراد أنهم جعلوا برقعها سيوف الضرب بوجوهها فيقع موقع البراقع منها، وكذلك جعلوا رءوس أعدائهم الشجعان، على رماحهم، بدل الخرق التي تشد عليها. وقيل: أراد شعر الهام. ومثله قول مسلم:

تكسو السيوف نفوس الناكثين به ... وتجعل الهام تيجان القنا الذبل

إن المنية لو لاقتهم وقفت ... خرقاء تتهم الإقدام والهربا

خرقاء: أي متحيرة فزعة ولاقتهم: أي حاربتهم.

يقول: إن الموت لو لقيهم في الحرب لبقي متحيراً لا يدري القوم فلا يأمن في نفسه أحد الأمرين ومثله لأبي تمام:

شوسٌ إذا خفقت عقاب لوائهم ... ظلت قلوب الموت منهم تخفق

مراتبٌ صعدت والفكر يتبعها ... فجاز وهو على آثارها الشهبا

الشهب: الكواكب المضيئة. قوله: فجاز أي الممدوح. قيل أراد جاز هذا الممدوح على آثار هذه المراتب ولم يبلغها، وقيل الفكر على آثارها ولم يبلغها.

يقول: إن الممدوح له مراتب تصعد، والفكر من الناس يتبعها، ولم يلحقها بعد.

وقيل: أراد أن لهم مراتب تبعها الفكر ليبلغ إلى محلها، فجاز الفكر الشهب، وهو بعد في آثار تلك المراتب ولم يصل إليها!

محامدٌ نزفت شعري ليملأها ... فآل ما امتلأت منه ولا نضبا

نزفت: أي أنزفت. ونضب: أي فني من قولهم: نضب الماء. إذا جف. وقوله: ليملأها أي ليملأ شعري تلك المحامد.

<<  <   >  >>