للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المسائل الدينية في فترة مبكرة جدًا، وهو أمر لم يكن مستغربًا عند أصحاب النفوس الصافية من معاصريه الذين قصرت العبادة الوثنية عن إرواء ظمئهم الروحي. وتذهب الروايات إلى أنه اتصل في رحلاته ببعض اليهود والنصارى، أما في مكة نفسها فلعله اتصل بجماعات من النصارى كانت معرفتهم بالتوراة والإنجيل هزيلة إلى حد بعيد" (١) .

ويقول جولد تسيهر في كتاب "العقيدة والشريعة في الإسلام": "لكي نقدر عمل محمد صلى الله عليه وسلم من الوجهة التاريخية، ليس من الضروري أن نتساءل عما إذا كان تبشيره ابتكارًا وطريفًا من كل الوجوه ناشئًا عن روحه، وعما إذا كان يفتح طريقًا جديدًا بحتًا. فتبشير النبي العربي ليس إلا مزيجًا منتخبًا من معارف وآراء دينية، عرفها أو استقاها بسبب اتصاله بالعناصر اليهودية والمسيحية وغيرها التي تأثر بها تأثرًا عميقًا والتي رآها جديرة بأن توقظ عاطفة حقيقية عند بني وطنه" (٢) .

ويرى ريتشارد بل: مؤلف كتاب "مقدمة القرآن": أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اعتمد في كتابته للقرآن على الكتاب المقدس، وبخاصة على العهد القديم في قسم القصص، فبعض قصص العقاب كقصص عاد وثمود مستمد من مصادر عربية، ولكن الجانب الأكبر من المادة التي استعملها محمد ليفسر تعاليمه ويدعمها قد استمده من مصادر يهودية ونصرانية، وقد كانت فرصته في المدينة للتعرف على ما في العهد القديم أفضل من وضعه السابق في مكة حيث


(١) افتراءات المستشرق كارل بروكلمان على السيرة النبوية، ص٢٢-٢٣.
(٢) العقيدة والشريعة في الإسلام، أجناس جولدتسيهر، ص٥-٦.

<<  <   >  >>