للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال بعضهم بأنها مؤمنة، فهي حين تقر بذاك فحكمها حكم المؤمنة، وهذا معناه. قلت لأبي عبد اللّّه: تفرق بين الإيمان والإسلام؟ فقال: قد اختلف الناس فيه، وكان حماد بن زيد زعموا يفرق بين الإيمان والإسلام، قيل له: من المرجئة؟ قال: الذين يقولون: الإيمان قول بلا عمل.

قلت: فأحمد بن حنبل لم يرد قط أنه سلب جميع الإيمان فلم يبق معه منه شيء، كما تقوله الخوارج والمعتزلة، فإنه قد صرح في غير موضع بأن أهل الكبائر معهم إيمان يخرجون به من النار، واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان "، وليس هذا قوله ولا قول أحد من أئمة أهل السنة، بل كلهم متفقون على أن الفُسَّاق الذين ليسوا منافقين معهم شيء من الإيمان يخرجون به من النار، هو الفارق بينهم وبين الكفار والمنافقين، لكن إذا كان معه بعض الإيمان لم يلزم أن يدخل في الاسم المطلق الممدوح، وصاحب الشرع قد نفى الاسم عن هؤلاء فقال: " لا يرني الزاني حين يزني وهو مؤمن "، وقال: " لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه " وقال: " لا يؤمن من لا يأمن جاره بَوَائِقَه " وأقسم على ذلك مرات وقال: " المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم "

والمعتزلة ينفون عنه اسم الإيمان بالكلية، واسم الإسلام أيضاً ويقولون: ليس معه شيء من الإيمان والإسلام، ويقولون: ننزله منزلة بين منزلتين، فهم يقولون: إنه يخلد في النار لا يخرج منها بالشفاعة، وهذا هو الذي أنكر عليهم،

<<  <   >  >>