للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي حديث عبيد بن عمير عن عمرو بن عَبَسَة عن النبي صلىالله عليه وسلم؛ أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما الإسلام؟ قال: " إطعام الطعام، ولينُ الكلام " قال: فما الإيمان؟ قال: " السَّمَاحَة والصبر " فإطعام الطعام عمل ظاهر يفعله الإنسان لمقاصد متعددة، وكذلك لين الكلام، وأما السماحة والصبر فخُلُقَانِ في النفس، قال تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد: ١٧] ، وهذا أعلى من ذاك، وهو أن يكون صباراً شكوراً فيه سماحة بالرحمة للإنسان وصبر على المكاره، وهذا ضد الذي خُلِقَ هَلُوعاً إذا مسه الشر جَزُوعاً، وإذا مسه الخير منوعا، فإن ذاك ليس فيه سماحة عند النعمة، ولا صبر عند المصيبة.

وتمام الحديث: فأي الإسلام أفضل؟ قال: " من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده " قال: يا رسول اللّّه، أي المؤمنين أكمل إيماناً؟ قال: " أحسنهم خُلُقاً " قال: يا رسول اللّّه، أي القتل أشرف؟ قال: " من أرِيقَ دَمُهُ، وعُقِرَ جَوَادُهُ " قال: يا رسول الله، فأي الجهاد أفضل؟ قال: " الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اللّّه ". قال: يا رسول الله، فأي الصدقة أفضل؟ قال: " جُهْدِ المُقِلِّ ". قال: يا رسول الله، فأي الصلاة أفضل؟ قال: " طول القُنُوت ". قال: يا رسول الله، فأي الهجرة أفضل؟ قال: " من هَجَرَ السُّوءَ ". وهذا محفوظ عن عبيد بن عمير، تارة يروى مرسلاً، وتارة يروى مسنداً، وفي رواية: أي الساعات أفضل؟ قال: " جَوْفَ الليل الغَابِر " وقوله: " أفضل الإيمان السماحة والصبر " يروى من وجه آخر عن جابر عن النبي صلىالله عليه وسلم.

وهكذا في سائر الأحاديث، إنما يفسر الإسلام بالاستسلام لله بالقلب مع

<<  <   >  >>