للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا يكثر في هؤلاء ترك الفرائض وانتهاك المحارم. وهؤلاء من الذين قالوا: {آمنا} فقيل لهم: {قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: ١٤] أي: الإيمان المطلق، الذي أهله هم المؤمنون حقًا، فإن هذا هو الإيمان إذا أطلق في كتاب الله تعالى كما دل عليه الكتاب والسنة؛ ولهذا قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: ١٥] ، فلم يحصل لهم ريب عند المحن التي تقلقل الإيمان في القلوب، والريب يكون في علم القلب وفي عمل القلب، بخلاف الشك فإنه لا يكون إلا في العلم؛ ولهذا لا يوصف باليقين إلا من اطمأن قلبه علماً وعملاً، وإلا فإذا كان عالماً بالحق، ولكن المصيبة أو الخوف أورثه جزعًا عظيماً، لم يكن صاحب يقين قال تعالى: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب: ١١] .

وكثيراً ما تعرض للمؤمن شعبة من شعب النفاق، ثم يتوب الله عليه، وقد يرد على قلبه بعض ما يوجب النفاق، ويدفعه الله عنه. والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان، وبوساوس الكفر التي يضيق بها صدره، كما قالت الصحابة: يا رسول الله، إن أحدنا ليجد في نفسه ما لئن يَخرَّ من السماء إلى الأرض، أحب إليه من أن يتكلم به. فقال: " ذاك صريح الإيمان "، وفي رواية: ما يتعاظم أن يتكلم به. قال: " الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة " أي: حصول هذا الوسواس، مع هذه الكراهة العظيمة له، ودفعه عن القلب، هو من

<<  <   >  >>