للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قوله: " ورسله " فأن تؤمن بما سمى الله في كتابه من رسله، وتؤمن بأن لله سواهم رسلاً وأنبياء لا يعلم أسماءهم إلا الذي أرسلهم، وتؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وإيمانك به غير إيمانك بسائر الرسل. إيمانك بسائر الرسل إقرارك بهم، وإيمانك بمحمد إقرارك به وتصديقك إياه دائباً على ما جاء به، فإذا اتبعت ما جاء به أديت الفرائض وأحللت الحلال وحرمت الحرام، ووقفت عند الشبهات، وسارعت في الخيرات. وأما قوله: " واليوم الآخر " فأن تؤمن بالبعث بعد الموت والحساب والميزان، والثواب والعقاب، والجنة والنار، وبكل ما وصف الله به يوم القيامة. وأما قوله: " وتؤمن بالقدر خيره وشره " فأن تؤمن بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولا تقل: لو كان كذا لم يكن كذا، ولولا كذا وكذا لم يكن كذا وكذا، قال: فهذا هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.

فصْل

ومما يسأل عنه: أنه إذا كان ما أوجبه الله من الأعمال الظاهرة أكثر من هذه الخمس، فلماذا قال: الإسلام هذه الخمس، وقد أجاب بعض الناس بأن هذه أظهر شعائر الإسلام وأعظمها، وبقيام العبد بها يتم إسلامه، وتركه لها يشعر بانحلال قيد القياده.

والتحقيق أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الدين الذي هو استسلام العبد لربه مطلقاً، الذي يجب لله عبادة محضة على الأعيان. فيجب على كل من كان قادراً عليه ليعبد الله بها مخلصاً له الدين. وهذه هي الخمس، وما سوى ذلك فإنما يجب بأسباب لمصالح، فلا يعم وجوبها جميع الناس، بل إما أن يكون فرضاً على الكفاية،

<<  <   >  >>