قال: ثم أوجب الله النار على الكبائر، فدل بذلك على أن اسم الإيمان زائل عمن أتى كبيرة. قالوا: ولم نجده أوجب الجنة باسم الإسلام، فثبت أن اسم الإسلام له ثابت على حاله، واسم الإيمان زائل عنه.
فإن قيل لهم في قولهم هذا: ليس الإيمان ضد الكفر، قالوا: الكفر ضد لأصل الإيمان، لأن للإيمان أصلاً وفروعاً، فلا يثبت الكفر حتى يزول أصل الإيمان الذي هو ضد الكفر، فإن قيل لهم: فالذين زعمتم أن النبي صلى الله عليه وسلم أزال عنهم اسم الإيمان، هل فيهم من الإيمان شيء؟ قالوا: نعم أصله ثابت، ولولا ذلك لكفروا، ألم تسمع إلى ابن مسعود أنكر على الذي شهد أنه مؤمن ثم قال: لكنا نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله يخبرك أنه قد آمن من جهة أنه صدق، وأنه لا يستحق اسم المؤمن إذا كان يعلم أنه مقصر، لأنه لا يستحق هذا الاسم عنده إلا من أدى ما وجب عليه وانتهى عما حرم عليه من الموجبات للنار التي هي الكبائر.
قالوا: فلما أبان الله أن هذا الاسم يستحقه من قد استحق الجنة، وأن الله قد أوجب الجنة عليه، وعلمنا أنا قد آمنا وصدقنا؛ لأنه لا يخرج من التصديق إلا بالتكذيب، ولسنا بشاكين ولا مكذبين، وعلمنا أنا عاصون له مستوجبون للعذاب وهو ضد الثواب الذي حكم الله به للمؤمنين على اسم الإيمان علمنا أنا قد آمنا وأمسكنا عن الاسم الذي أثبت الله عليه الحكم في الجنة وهو من الله اسم ثناء وتزكية، وقد نهانا الله أن نزكي أنفسنا، وأمرنا بالخوف على أنفسنا، وأوجب لنا العذاب بعصياننا، فعلمنا أنا لسنا بمستحقين بأن نتسمى مؤمنين؛ إذ