للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كالشخصين إذا تماثلا في إيمان القلوب معرفة وتصديقاً، وحباً وقوة وحالاً ومقاماً، فقد يتماثلان، وإن كان لأحدهما من أعمال البدن ما يعجز عنه بدن الآخر، كما جاء في الأثر: " إن المؤمن قوته في قلبه، وضعفه في جسمه، والمنافق قوته في جسمه، وضعفه في قلبه "؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " ليس الشديد ذو الصُّرَعَة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب "، وقد قال: " رأيت كأني أنزع على قَلِيبٍ، فأخذها ابن أبي قُحَافة، فنزع ذَنُوباً أو ذنوبين، وفي نَزْعِه ضعف، والله يغفر له، فأخذها ابن الخطاب فاستحالت في يده غَرْباً، فلم أر عبقريًا يَفْري فَرْيَه، حتى صَدَرَ الناس بعطن "، فذكر أن أبا بكر أضعف، وسواء أراد قصر مدته أو أراد ضعفه عن مثل قوة عمر، فلا ريب أن أبا بكر أقوى إيماناً من عمر، وعمر أقوي عملاً منه، كما قال ابن مسعود: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر. وقوة الإيمان أقوى وأكمل من قوة العمل، وصاحب الإيمان يكتب له أجر عمل غيره، وما فعله عمر في سيرته مكتوب مثله لأبي بكر فإنه هو الذي استخلفه.

وفي المسند من وجهين عن النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي وزن بالأمة فرجح، ثم وزن أبو بكر بالأمة فرجح، ثم وزن عمر بالأمة فرجح، وكان في حياة النبي صلىالله عليه وسلم وبعد موته يحصل لعمر بسبب أبي بكر من الإيمان والعلم ما لم يكن عنده، فهو قد دعاه إلى ما فعله من خير وأعانه عليه بجهده، والمعين على الفعل إذا كان يريده إرادة جازمة كان كفاعله، كما ثبت في الحديث الصحيح عن

<<  <   >  >>