للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إسماعيل بن سعيد، قال: والصحيح أن المذهب رواية واحدة أنه قول وعمل، ويحتمل قوله: إن الإسلام قول يريد به: أنه لا يجب فيه ما يجب في الإيمان من العمل المشروط فيه؛ لأن الصلاة ليست من شرطه، إذ النص عنه أنه لا يكفر بتركه الصلاة.

قال: وقد قضينا أن الإسلام والإيمان اسمان لمعنيين، وذكرنا اختلاف الفقهاء، وقد ذكر قبل ذلك أن الإسلام والإيمان اسمان لمعنيين مختلفين، وبه قال مالك، وشريك، وحماد ابن زيد، بالتفرقة بين الإسلام والإيمان، قال: وقال أصحاب الشافعي، وأصحاب أبي حنيفة: إنهما اسمان معناهما واحد. قال: ويفيد هذا أن الإيمان قد تنتفي عنه تسميته مع بقاء الإسلام عليه، وهو بإتيان الكبائر التي ذكرت في الخبر، فيخرج عن تسمية الإيمان، إلا أنه مسلم، فإذا تاب من ذلك عاد إلى ما كان عليه من الإيمان، ولا تنتفي عنه تسمية الإيمان بارتكاب الصغائر من الذنوب، بل الاسم باق عليه، ثم ذكر أدلة ذلك، ولكن ما ذكره فيه أدلة كثيرة على من يقول: الإسلام مجرد الكلمة، فإن الأدلة الكثيرة تدل على أن الأعمال من الإسلام، بل النصوص كلها تدل على ذلك، فمن قال: إن الأعمال الظاهرة المأمور بها ليست من الإسلام، فقوله باطل، بخلاف التصديق الذي في القلب، فإن هذا ليس في النصوص ما يدل على أنه من الإسلام، بل هو من الإيمان، وإنما الإسلام الدين، كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يسلم وجهه وقلبه لله، فإخلاص الدين لله إسلام، وهذا غير التصديق، ذاك من جنس عمل القلب، وهذا من جنس علم القلب.

وأحمد بن حنبل، وإن كان قد قال في هذا الموضع: إن الإسلام هو الكلمة، فقد قال في موضع آخر: إن الأعمال من الإسلام، وهو اتبع هنا الزهري رحمه الله، فإن كان مراد من قال ذلك: إنه بالكلمة يدخل في الإسلام ولم يأت بتمام الإسلام، فهذا قريب، وإن كان مراده أنه أتى بجميع الإسلام وإن لم يعمل فهذا غلط قطعًا، بل قد أنكر أحمد هذا الجواب، وهو قول من قال: يطلق عليه الإسلام وإن لم يعمل، متابعة لحديث جبريل، فكان ينبغي أن يذكر قول أحمد جميعه.

<<  <   >  >>