للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأعمال الظاهرة فقط، وهذه لا تكون إيمانًا إلا مع الإيمان الذي في القلب بالله وملائكته وكتبه ورسله، فيكون حينئذ بعض الإيمان، فيكون مسمى الإيمان أفضل كما دل عليه حديث سعد، فلا منافاة بين الحديثين.

وأما تفريق أحمد بين الإسلام والإيمان، فكان يقوله تارة، وتارة يحكى الخلاف ولا يجزم به. وكان إذا قرن بينهما تارة يقول: الإسلام الكلمة، وتارة لا يقول ذلك، وكذلك التكفير بترك المباني، كان تارة يكفر بها حتى يغضب، وتارة لا يكفر بها. قال الميموني: قلت: يا أبا عبد الله، تفرق بين الإسلام والإيمان؟ قال: نعم. قلت: بأي شيء تحتج؟ قال: عامة الأحاديث تدل على هذا، ثم قال: " لايزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن "، وقال الله تعالى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: ١٤] . قال: وحماد بن زيد يفرق بين الإسلام والإيمان. قال: وحدثنا أبو سلمة الخزاعي قال: قال مالك وشريك، وذكر قولهم وقول حماد بن زيد: فرق بين الإسلام والإيمان.

قال أحمد: قال لي رجل: لو لم يجئنا في الإيمان إلا هذا لكان حسنًا. قلت لأبي عبد الله: فتذهب إلى ظاهر الكتاب مع السنن؟ قال: نعم. قلت: فإذا كانت المرجئة يقولون: إن الإسلام هو القول. قال: هم يصيرون هذا كله واحدًا، ويجعلونه مسلمًا ومؤمنًا شيئًا واحدًا علي إيمان جبريل ومستكمل الإيمان. قلت: فمن هاهنا حجتنا عليهم؟ قال: نعم، فقد ذكر عنه الفرق مطلقًا واحتجاجه بالنصوص.

وقال صالح بن أحمد: سئل أبي عن الإسلام والإيمان، قال: قال ابن أبي ذئب: الإسلام: القول، والإيمان: العمل. قيل له: ما تقول أنت؟ قال: الإسلام غير الإيمان، وذكر حديث سعد، وقول النبي صلى الله عليه وسلم. فهو في هذا الحديث لم يختر قول من قال: الإسلام: القول، بل أجاب بأن الإسلام غير الإيمان، كما دل عليه الحديث الصحيح مع القرآن.

<<  <   >  >>