للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال حنبل: حدثنا أبو عبد الله بحديث بريدة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم: " السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون " الحديث، قال: وسمعت أبا عبد الله يقول في هذا الحديث: حجة على من قال: الإيمان قول. فمن قال: أنا مؤمن فقد خالف قوله: من المؤمنين والمسلمين. فبين المؤمن من المسلم، ورد على من قال: أنا مؤمن مستكمل الإيمان، وقوله: " وإنا إن شاء الله بكم لاحقون " وهو يعلم أنه ميت، يشد قول من قال: أنا مؤمن إن شاء الله بالاستثناء في هذا الموضع.

وقال أبو الحارث: سألت أبا عبد الله قلت: قوله: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " قال: قد تأولوه، فأما عطاء فقال: يتنحى عنه الإيمان، وقال طاوس: إذا فعل ذلك زال عنه الإيمان. وروي عن الحسن قال: إن رجع راجعه الإيمان، وقد قيل: يخرج من الإيمان إلى الإسلام، ولا يخرج من الإسلام، وروى هذه المسألة صالح، فإن مسائل أبي الحارث يرويها صالح أيضًا، وصالح سأل أباه عن هذه القصة فقال فيها: هكذا يروي عن أبي جعفر قال: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " قال: يخرج من الإيمان إلى الإسلام، فالإيمان مقصور في الإسلام، فإذا زنى خرج من الإيمان إلى الإسلام. قال الزهري يعني لما روى حديث سعد: " أو مسلم ": فنرى أن الإسلام الكلمة، والإيمان العمل. قال أحمد: وهو حديث متأول، والله أعلم.

فقد ذكر أقوال التابعين ولم يرجح شيئًا، وذلك والله أعلم لأن جميع ما قالوه حق، وهو يوافق على ذلك كله، كما قد ذكر في مواضع أخر أنه يخرج من الإيمان إلى الإسلام، ونحو ذلك. وأحمد وأمثاله من السلف لا يريدون بلفظ التأويل صرف اللفظ عن ظاهره، بل التأويل عندهم مثل التفسير، وبيان ما

<<  <   >  >>