وفضله؛ كما قال في حديث القصر:" صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته ". ولأنه بها تتم عبادته وطاعته، وما لا يحتاج إليه الإنسان من قول وعمل، بل يفعله عبثًا، فهذا عليه لا له، كما في الحديث:" كل كلام ابن ادم عليه لا له، إلا أمراً بمعروف، أو نهياً عن منكر أو ذكر اللّّه ".
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو لِيَصْمُت ". فأمر المؤمن بأحد أمرين: إما قول الخير أو الصُّمَات؛ ولهذا كان قول الخير خيراً من السكوت عنه، والسكوت عن الشر خيراً من قوله؛ ولهذا قال الله تعالى:{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: ١٨] .
وقد اختلف أهل التفسير: هل يكتب جميع أقواله؟ فقال مجاهد وغيره: يكتبان كل شيء حتى أنينه في مرضه، وقال عكرمة لا يكتبان إلا ما يؤجر عليه أو يؤزر. والقرآن يدل على أنهما يكتبان الجميع؛ فإنه قال:{مّا يّلًفٌظٍ مٌن قّوًل} نكرة في الشرط مؤكدة بحرف [من] ؛ فهذا يعم كل قوله. وأيضاً، فكونه يؤجر على قول معين أو يؤزر، يحتاج إلى أن يعرف الكاتب ما أمر به وما نهى عنه، فلابد في إثبات معرفة الكاتب به إلى نقل. وأيضاً فهو مأمور، إما بقول الخير، وإما بالصُّمات. فإذا عدل عما أمر به من الصُّمَات إلى فضول القول الذي ليس بخير، كان هذا عليه، فإنه يكون مكروهاً، والمكروه ينقصه؛ ولهذا قال النبي صلىالله عليه وسلم:" من حُسْنِ إسلام المرء تَرْكُه ما لا يَعنِيه ".