القرآن والحديث بخلاف كون لفظ الايمان في اللغة مرادفا للتصديق ودعوى أن الشارع لم يغيره ولم ينقله بل أراد به ما كان يريده أهل اللغة بلا تخصيص ولا تقييد فان هاتين المقدمتين لا يمكن الجزم بواحدة منهما فلا يعارض اليقين كيف وقد عرف فساد كل واحدة من المقدمتين وأنها من أفسد الكلام.
وأيضا فليس لفظ الإيمان في دلالته على الأعمال المأمور بها بدون لفظ الصلاة والصيام والزكاة والحج في دلالته على الصلاة الشرعية والصيام الشرعى والحج الشرعى سواء قيل إن الشارع نقله أو أراد الحكم دون الاسم أو أراد الاسم وتصرف فيه تصرف أهل العرف أو خاطب بالاسم مقيدا لا مطلقا.
فإن قيل: الصلاة والحج ونحوهما لو ترك بعضها بطلت بخلاف الإيمان فإنه لا يبطل عند الصحابة وأهل السنة والجماعة بمجرد الذنب قيل أن إريد بالبطلان أنه لا تبرأ الذمة منها كلها فكذلك الايمان الواجب إذا ترك منه شيئا لم تبرأ الذمه منه كله وان أريد به وجوب الاعادة فهذا ليس على
الإطلاق فإن في الحج واجبات إذا تركها لم يعد، بل تجبر بدم وكذلك في الصلاة عند أكثر العلماء إذا تركها سهوا أو مطلقا وجبت الإعادة فإنما تجب إذا أمكنت الإعادة وإلا فما تعذرت إعادته يبقى مطالبا به كالجمعة ونحوها.
وإن أريد بذلك أنه لا يثاب على ما فعله فليس كذلك بل قد بين النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المسىء في صلاته أنه إذا لم يتمها يثاب على ما فعل ولا يكون بمنزلة من لم يصل وفي عدة أحاديث أن الفرائض تكمل يوم القيامة من النوافل فإذا كانت الفرائض مجبورة بثواب النوافل دل على أنه يعتدله بما فعل منها فكذلك الايمان إذا ترك منه شيئا كان عليه فعله ان كان محرما تاب منه وان كان واجبا فعله فإذا لم يفعله لم تبرأ ذمته منه وأثيب على ما فعله كسائر العبادات وقد دلت النصوص على أنه يخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من الإيمان.
وقد عدلت المرجئة في هذا الأصل عن بيان الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين لهم باحسان واعتمدوا على رأيهم وعلى ما تأولوه بفهمهم اللغة،