الحديث: سفيان وشعبة ومالك وحماد بن زيد وابن عيينة وهم أصول الدين وأصحاب الحديث يجمعون حديث خلق كثير غير الذين ذكرهم الدارمي منهم: أيوب السختياني والزهري وإلاوزاعي
ويجمعون أيضا التراجم وهي أسانيد يخصون ما جاء بها بالجمع والتأليف مثل: ترجمة مالك عن نافع عن ابن عمر وترجمة سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة وترجمة هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها في أشباه لذلك كثيرة.
ويجمعون أيضا أبوابا من أبواب الكتب المصنفة الجامعة للأحكام فيفردونها بالتأليف فتصير كتبا مفردة نحو باب رؤية الله عز وجل وباب رفع اليدين. وباب القراءة خلف إلامام وغير ذلك ويفردون أحاديث فيجمعون طرقها في كتب مفردة نحو: طرق حديث قبض العلم وحديث الغسل يوم الجمعة وغير ذلك. وكثير من أنواع كتابنا هذا قد أفردوا أحاديثه بالجمع والتصنيف وعليه في كل ذلك تصحيح القصد والحذر من قصد المكاثرة ونحوه بلغنا عن حمزة بن محمد الكناني: أنه خرج حديثا واحدا من نحو مأتي طريق فأعجبه ذلك فرأى يحيى بن معين في منامه فذكر له ذلك فقال له: أخشى أن يدخل هذا تحت: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} .
ثم ليحذر أن يخرج إلى الناس ما يصنفه إلا بعد تهذيبه وتحريره وإعادة النظر فيه وتكريره..
وليتق أن يجمع ما لم يتأهل بعد لاجتناء ثمرته واقتناص فائدة جمعه كيلا يكون حكمه ما رويناه عن علي بن المديني قال: إذا رأيت الحدث أول ما يكتب الحديث يجمع حديث الغسل وحديث: من كذب فاكتب على قفاه لا يفلح.
ثم إن هذا الكتاب مدخل إلى هذا الشأن مفصح عن أصوله وفروعه شارح لمصطلحات أهله ومقاصدهم ومهماتهم التي ينقص المحدث بالجهل بها نقصا فاحشا فهو إن شاء الله جدير بأن تقدم العناية به ونسأل الله سبحانه فضله العظيم وهو أعلم.