فرائض مجملة غير مبينة، لم تفصل في القرآن أحكامها، ولا كيفية أدائها، فقال تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[النساء: ٧٧] ، و {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}[البقرة: ١٨٣] ، {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}[آل عمران: ٩٧] . ولم يبين كيف تقام الصلاة وتؤتى الزكاة ويؤدَّى الصوم والحج. ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بين هذا الإجمال بسنته القولية والعملية؛ لأن الله سبحانه وتعالى منحه سلطة هذا التبيين بقوله عز شأنه:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[النحل: ٤٤] ، فلو لم تكن هذه السنة البيانية حجة على المسلمين، وقانوناً واجباً اتباعه، ما أمكن تنفيذ فرائض القرآن ولا اتباع أحكامه.
فالعقل والحس والمشاهدة أمارات دالة على ضرورة السنة وحجيتها، ووجوب اتباعها، وهذه السنن البيانية إنما وجب اتباعها من جهة أنها صادرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ورويت عنه بطريق يفيد القطع بورودها عنه، أو الظن بورودها، فكل سنة تشريعية صَحَّ صدورُها عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهي حُجَّة واجبةُ الاتباع (١) .
(١) انظر: علم أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف (١/ ٢٨) مطبعة النصر – القاهرة، ط. السابعة ١٣٧٦?. تعليم علم الأصول د. نور الدين مختار الخادمي (ص١٥٥) مكتبة العبيكان، ط. الأولى ١٤٢٣?.