للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: "فإذا كان هذا شأن التوسل بآثاره المادية، فكيف بالتوسل بمنزلته عند الله جل جلاله؟ وكيف بالتوسل بكونه رحمة للعالمين؟ ".

ولكنه سرعان ما تراجع عن كل ذلك زاعماً أن التبرك والتوسل معناهما واحد، منكراً أنه يقيس التوسل على التبرك، وأن المسألة لا تعدو أن تكون استدلالاً بالقياس، فإن التوسل والتبرك كلمتان تدلان على معنى واحد، وهو التماس الخير والبركة عن طريق المتوسل به، وكل من التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم عند الله والتوسل بآثاره أو فضلاته أو ثيابه أفراداً وجزئيات داخلة تحت نوع شامل هو مطلق التوسل الذي ثبت حكمه بالأحاديث الصحيحة، وكل الصور الجزئية له يدخل تحت عموم النص بواسطة ما يسمى بتنقيح المناط عند علماء الأصول".

والحقيقة أن ظاهر كلام الدكتور الأول كان أهون بكثير من كلامه الأخير هذا، لأن التوسل يختلف اختلافاً بيناً عن التبرك، ومن يسوي بينهما فإنه يكون قد ارتكب خطأ شنيعاً، ووقع في جهل فظيع بالحقائق الشرعية، مما لا يجوز أن يقع في طالب علم يحترم نفسه.

إن التبرك هو التماس من حاز أثراً من آثار النبي صلى الله عليه وسلم حصول خير به خصوصية له صلى الله عليه وسلم، وأما التوسل فهو إرفاق دعاء الله تعالى بشيء من الوسائل التي شرعها الله تعالى لعباده، كأن يقول: اللهم إني أسألك بحبي لنبيك صلى الله عليه وسلم أن تغفر لي، ونحو ذلك. ويتبدى هذا الفرق في أمرين:

<<  <   >  >>