للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحابة كانوا يقولون في دعائهم مثلاً: اللهم ببصاق نبيك اشفِ مرضانا، أو: اللهم ببول نبيك أو غائطه أجرنا من النار!! إن أحداً من العقلاء لا يستسيغ رواية ذلك مجرد رواية فكيف بإستعماله، وإذا كان الدكتور البوطي ما يزال في شك من ذلك، وإذا كان يرى جواز ذلك فعليه أن يثبته عملياً بأن يدعو من على منبره بمثل الدعوات السابقة، وإن لم يفعل – ولن يفعل إن شاء الله ما بقي فيه عقل، وفي قلبه ذرة من إيمان – فذلك دليل على أنه يقول بلسانه ما لا يعتقد في قلبه.

هذا ولابد من الإشارة إلى أننا نؤمن بجواز التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم، ولا ننكره خلافاً لما يوهمه صنيع خصومنا، ولكن لهذا التبرك شروطاً منها الإيمان الشرعي المقبول عند الله، فمن لم يكن مسلماً صادق الإسلام فلن يحقق الله له أي خير بتبركه هذا، كما يشترط للراغب في التبرك أن يكون حاصلاً على أثر من آثاره صلى الله عليه وسلم ويستعمله، ونحن نعلم أن آثاره صلى الله عليه وسلم من ثياب أو شعر أو فضلات قد فقدت، وليس بإمكان أحد إثبات وجود شيء منها على وجه القطع واليقين، وإذا كان الأمر كذلك فإن التبرك بهذه الآثار يصبح أمراً غير ذي موضوع في زماننا هذا١ ويكون أمراً نظرياً محضاً، فلا ينبغي إطالة القول فيه، ولكن ثمة أمر يجب


١ لقد حاول الدكتور في هامش ص ١٩٧ من كتابه المذكور الرد على ما كنت بينته في رسالتي "نقد نصوص حديثية" للكتاني ونقل أنني قلت فيها: "إنه لا فائدة ترجى من أحاديث التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم في هذا العصر ... " ومن المؤسف أن الدكتور قد ارتكب في هذا النقل الصغير خيانة علمية مكشوفة وحرف كلامي تحريفا سيئا والذي قلته لا حقا هو لا يتعلق كبير فائدة في تقرير مشروعية التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم في زماننا الحاضر". فانظر رحمك الله كيف غير الدكتور كلامي وحرفه وما أري له بذلك من غرض إلا أن يتاح له المجال للطعن في وإثارة العامة علي فهل يتفق هذا الصنيع - أخي القارئ - مع تقوى الله عز وجل والإخلاص في الوصول إلى الحق؟ وقد فصلت القول في الرد على هذه الفرية في إحدى مقالاتي التي تنشر في مجلة التمدن الإسلامي بعنوان "تعليق على أحاديث فقه السيرة" وقد نشرت قريبا في رسالة خاصة تحت عنوان "دفاع عن الحديث النبوي والسيرة في الرد على جهالات الدكتور البوطي في كتاب فقه السيرة".

<<  <   >  >>